قياسًا على الجُنُبِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣]؛ قال به الشافعيُّ وأحمدُ في المشهورِ عنه؛ وهذا على القولِ بأنَّ المرادَ بما يَجْتَنِبُهُ الجُنُبُ هو مَوْضِعُ الصلاةِ.
ومنهم مَن قال: المنعُ لقُرْبِ الصلاةِ، لا موضعِها.
وهما قولانِ للمُفسِّرينَ مِن السلفِ، ويأتي بيانُه في سورةِ النساءِ بإذن الله.
ومَنَعَ مِن المرورِ الحنفيَّةُ؛ لأنَّ الحيضَ أشدُّ مِن الجنابةِ؛ فلا يرَوْنَهُ يُقاسُ عليه.
مكثُ الحائضِ في المسجِدِ:
وأمَّا مُكْثُ الحائضِ في المسجدِ، فقد اختَلَفَ فيه العلماءُ على قولينِ:
الأولُ: المنعُ، وهو قول الأكثرِ، وهو الأَشْهَرُ، ومَن منَعَ مِن العبورِ فيَمنَعُ مِن المُكْثِ مِن بابِ أَوْلى.
الثاني: الجوازُ عندَ أَمْنِ تنجيسِ المسجدِ؛ وذلك لأنَّ النبيَّ ﷺ قال لعائشةَ لمَّا حاضَتْ في حجِّها:(اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ)(١)، وظاهرُ الحديث: أنَّ لها أنْ تدخلَ البيتَ بلا طوافٍ، فلم يمنَعْها مِن دخولِه، وخَصَّ المنعَ بالطوافِ.
ولأنَّ المسلمَ لا ينجُسُ كما في الحديثِ، ومنعُ الجُنُبِ توقيفيٌّ، وأمَّا الحائضُ فنجاستُها في جيضِها، فإنْ تحفَّظَتْ واسْتَثْفَرَتْ وأَمِنَتْ مِن تنجيسِ المسجدِ، جازَ مُكْثُها فيه.
وبهذا قال مالكٌ في قولٍ، وأحمدُ في روايةٍ، والمزنيُّ وابنُ المُنذِرِ وغيرُهم.