للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقاءِ يوسُفَ في مِصْرَ على الذَّهَابِ إلى والدَيْهِ؛ فقد جاء في إضاعةِ أمرِ الرعيَّةِ من التَّبِعَةِ الكبيرةِ والإثمِ العظيم قولُه فيما رواه مسلمٌ: (اللَّهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ) (١).

وفي "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ؛ قال: قال رسولُ اللَّه : (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) (٢).

وفي روايةٍ لمسلمٍ؛ قال : (مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ، إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ الْجَنَّةَ) (٣).

* * *

* قال تعالى: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: ١٠١].

لمَّا اكتمَلَ ليوسُفَ أمرُهُ، وانتهَى ما رآهُ مِن مقدورِهِ في إقامةِ أمرِ اللَّهِ وامتثالِهِ في إبلاغِ دِينِهِ، سأَلَ اللَّهَ الخِتَامَ على الإسلامِ واللَّحَاقَ بالصالحِين.

سؤال اللَّهِ حُسْنَ الخِتَامِ، وحُكْمُ تمنِّي الموتِ:

وفي هذا: أنَّ العبد إنْ بلَغَ مَرْتَبةً يَرى فيها أقصى ما يُدْرِكُهُ مِن الكمال، أن يَسأَلَ اللَّه الخِتَامِ على الإسلام واللَّحَاقَ بالصالِحِين؛ لأنَّ سُنَّةَ اللَّهِ الغالِبةَ في الناس جَرَتْ أنَّ أقصَرَ مَراحلِ الإنسانِ مرحلةُ كَمَالِه، وهي كرأس الهَرَمِ ليس يعقُبُها إلَّا الموتُ عليه أو الانحدارُ وراءَهُ، ومَن


(١) أخرجه مسلم (١٨٢٨).
(٢) أخرجه البخاري (٧١٥١)، ومسلم (١٤٢).
(٣) أخرجه مسلم (١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>