سورةُ الأنعامِ سورةٌ مكيةٌ، كما قاله ابنُ عبَّاس وابنُ عمرَ، وحكى الإجماعَ على ذلك غيرُ واحد، وإنَّما الخلافُ في بضعِ آياتٍ فيها، وتضمَّنت السورة تعظيم الله وآياتهِ ومخلوقاتِه، وعَرَضَتْ حُجَجَ المُبْطِلينَ المعانِدِينَ للحقّ، وأحوال بعضِ الأنبياءِ مع أقوامِهِمْ وتشابُه كفَّار الأممِ في الحججِ الواهيَةِ والعناد، وفي هذه السورة ذِكْرٌ لنعمةِ الأنعامِ وتعدِّي الكافرين عليها بالتحريمِ والتحليل بالهوى.
هذه الآيةُ تَبَعٌ لما قبلَها، وقد نزَلَ ذلك في أعيانِ قريشٍ؛ أتَوْا رسولَ اللهِ ﷺ، وازْدَرَوْا جُلساءَهُ الضُّعفاءَ، واستثقَلُوا الجلوسَ معهم، حتى قالوا: إنَّا نُحِبُّ أنْ تجعَلَ لنا منك مَجلسًا تَعرِفُ لنا العَرَبُ به فَضْلَنا؛ فإنَّ وُفُودَ العربِ تأتيكَ فنَستَحْيِي أن تَرانا العربُ مع هؤلاءِ الأعْبُد، فإذا نحن جِئناكَ، فأَقِمْهم عنَّا، فإذا نحن فَرَغْنا، فاقعُدْ معهم إنْ شئتَ، فأراد النبيُّ ﷺ أنْ يتألَّفَهُمْ بذلك، فمنَعَهُ اللهُ أنْ يفرِّقَ بينَ ضُعَفاءِ المؤمنينَ وبينَهم، وأُمِرَ أنْ يُرحِّبَ بالضُّعَفاءِ إنْ جاؤوهُ بقولِهِ:"سلامٌ عليكم، كتَبَ ربُّكم على نفسِهِ الرحمةَ"؛ وقد روى ذلك مطوَّلًا ابنُ