ويُقسِمانِ على ما شَهِدَا ويبيِّنانِ أنَّهما بيَّنَا ولم يَكتُمَا لدُنيا ولا لرِشْوةٍ، ويكونُ ذلك عندَ الرِّيبةِ منهما؛ كما قال تعالى: ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾، ويسقِطُ عنهما ذلك التُّهمةَ؛ لأنَّه لا بيِّنةَ عليهما، والقولُ قولُهما.
ولا يثبُتُ في الوحيِ: أنَّ الشاهدَ يَحلِفُ على شهادتِهِ إلَّا في هذا الموضعِ.
وقولُه تعالى: ﴿فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا﴾؛ وذلك بكتمانِهما للحقِّ، وأخذِ شيءٍ مِن مال الميِّت، ﴿فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ﴾؛ أيْ: يقوم اثنانِ مِن أحَقِّ الورثةِ بالمالِ، ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾ أيْ: أحَقُّ بالقَبُولِ والأخذِ مِن كَذِبِهما وخيانتِهما؛ لعِلمِهما بحالِ الميِّتِ وما له وما عليه مما يجهلُ الكفَّارُ حالَهُ، ويُبيِّنانِ أنَّهما لم يَتعدَّيَا عليهما وَيَبهتاهُما بما ليس فيهما؛ وإنَّما لبُطْلانِ قولِهما على الميِّتِ؛ فلا يَتضرَّرُ صاحِبُ الحقِّ في مالِ مورِّثِه، وصاحِبُ الحقِّ مِن مالِ الميِّتِ؛ بدَيْنٍ أو رهنٍ أو هبةٍ وعطيةٍ؛ فإنَّ ذلك مِن الظُّلْمِ العظيمِ؛ وبذلك تُرَدُّ شهادةُ الكافرَيْنِ لشهادةِ المُسلِميْنِ مِن الورثةِ؛ لأنَّ اللَّه قال: ﴿فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا﴾، فجعَلَ المُسلِمَينِ بدَلَ الكافرَيْنِ.
وإن كان الورثةُ قُصَّرًا صِغارًا واسْتُرِيبَ بشهادةِ الذِّمِّيَّيْن، فيقومُ مَقامَهما مِن عامَّةِ المُسلِمينَ ممَّن استرابَ بشهادةِ الذِّمِّيَّيْنِ؛ رُوِيَ هذا عن ابنِ عبَّاسٍ وغيرِه (١).