للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكاحِ، وهو سكنُ النفوسِ، دَلَّ على أنَّ ما لا تتحقَّقُ تلك الغايةُ إلَّا به فهو مقصودٌ ومشروعٌ؛ ومِن هذا تُؤخَذُ قرينةٌ على وجوبِ السُّكْنَى للزَّوْجةِ، وهذه الآيةُ نظيرُ ما تقدَّم في قولِهِ تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ [الأعراف: ١٨٩]، وسيأتي الكلامُ على مسألةِ السُّكْنى بتمامِها في سورةِ الطلاقِ، عندَ قولِ اللَّهِ تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ [٦]؛ فإنَّها أصرَحُ في المسألةِ.

* * *

* قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [الروم: ٢٣].

وفي هده الآيةِ: مِنَّةُ اللَّهِ على عِبادِه بتقليب الأوقاتِ وتغيُّرِها؛ لِتُناسِبَ تقسيمَ أعمالِ الإنسانِ بينَ عملٍ وراحةٍ، فجعَلَ الليلَ للمَبِيتِ والمَنامِ، وجعَلَ النهارَ للكَسْبِ والمعاشِ وطلبِ الفضلِ، وكان ذلك مِن اللَّهِ آيةً لعبادِه.

القَيْلُولَةُ في نصفِ النهارِ:

وحمَلَ بعضُهم قولَه تعالى: ﴿مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ على القَيْلُولَةِ، وهي نَوْمَةُ نصفِ النهارِ واستراحتُه، وأنَّها مِن الفِطْرةِ التي يحتاجُ إليها الإنسانُ في يومِه، ولا يَلْزَمُ في القيلولةِ أن يكونَ معها نَوْمٌ؛ ولكنَّها تكونُ للرَّاحةِ.

وقد ذكَر اللَّهُ القيلولةَ في مواضعَ:

منها: في أصحاب الجنةِ؛ ولكنَّها ليستْ عن نَصَبٍ ووَصَبٍ وتَعَبٍ: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٤]، والمَقِيلُ والقَيْلُولَةُ: استراحةُ الإنسانِ نصفَ النهارِ وإنْ لم يكنْ معها نومٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>