ثمَّ إنَّ الوالِدَ هو الأبُ وإن علا؛ كالجَدِّ وأبي الجَدّ، ولم يُذكَرْ في الآيةِ؛ حتَّى لا يدخُلَ في أوَّلُ داخلٍ، وهو الأبُ، فيُظَنَّ أنَّ الإخْوةَ يَرِثُونَ معَ الأبِ، وهم لا يَرِثْونَ بالإجماعِ؛ فهو يحجُبُهم بلا خلافٍ، كما حكى الإجماعَ ابنُ المُنذِرِ وغيرُه (١)، ولم يُخالِف في هذا إِلَّا الرافِضة، ورُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ، ولا يَصِحُّ.
ميراثُ الإخوةِ لأبٍ مع الأشقَّاء:
وميراثُ الأخوةِ لأبٍ مع الإخوةِ الأشِقَّاءِ كميراث بني الابنِ مع الابنِ مِن الصُّلْبِ بلا خِلافٍ؛ فلا يَرِثُ الإخوةُ لأبٍ مع الإخوةِ الأشِقَّاءِ شَيْئًا، ولا يَرِثُ الأخواتُ لأبٍ مع الأخواتِ الشقيقاتِ شيئًا؛ لأنَّهُنَّ استَكمَلْنَ الثُّلُثَينِ؛ وذلك لأنَّ حُكْمَهُنَّ كحُكمِ بناتِ الابنِ مع الجَمْعِ مِن بناتِ الصُّلْبِ؛ وهذا لا خلافَ فيه.
وأمَّا إن كان مع الأخواتِ لأبٍ أخٌ ذكَرٌ، فقال جمهورُ العلماءِ؛ إنَّه يُعصِّبهنَّ بما تبقَّى مِن المالِ بعدَ الثُّلثَيْن، كما يعصِّبُ ابنُ الابنِ بناتِ الابن، وقيلَ: إنَّ المالَ للأخِ دونَهُنَّ؛ وبِهذا قال أبو ثَوْرٍ.
ورُوِيَ عنِ ابنِ مسعودٍ: أنَّ الأخَ لأبٍ يعصبُ الأخواتِ لأبٍ معَهُ إن كان حقُّه فَرْضًا، وهو السُّدُسُ تكمِلةَ الثُّلثَيْن معَ الأختِ الواحدةِ التي تَستحِقُّ النِّصفَ، فالسُّدسُ الباقي بَينَهُ وبينَ مَن معَه مِن الأخواتِ لأبٍ، للذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثيَيْن، وإن أخَذَهُ تعصيبًا بما بَقِيَ مِن المالِ بعدَ استكمالِ الثُّلثَيْنِ وهو الثُّلُثُ، فالباقي له، ولا يُعصِّبُ أخواتِه معَهُ.
ولا خلافَ عندَ العلماءِ في أنَّ الأخوةَ لأبٍ يقومونَ مقامَ الإخوةِ الأشِقَّاءِ عندَ فَقدِهم، كما يقومُ أبناءُ الابنِ مقامَ أبناءِ الصُّلْبِ عندَ فقْدِهم.