للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلالةُ وحكمُهَا:

وتُسمَّى هذه الآيةُ بآيةِ الكَلالةِ وآيةِ الصَّيف، والكَلَالةُ لها معَانٍ؛ منها: الإكليل الذي يُحِيطُ بالرَّأسِ مِن جَوَانبِه؛ إشارةً إلى أنَّ القَرَابةَ ليست أصلًا ولا فرعًا؛ يعني: لا فَوْقًا كالأبِ، ولا تَحْتًا كالابن، ومِن مَعانيها: مَن لم يَكُنْ لَحًّا مِن القرابةِ؛ يعني: قريبًا، فيقالُ: فلانٌ ابنُ عمِّ فلانِ لَحًّا، وفلانٌ ابنُ عمِّ فلانٍ كَلالةً.

وإنَّما سمَّاها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - آيةَ الصَّيْفِ؛ لأنَّه نزَلَ في الكَلالةِ آيَتانِ: آيةَ في الشِّتاء، وهي ما تقدَّمَ في أوَّلِ النِّساءِ: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: ١٢]، وآية في الصَّيف، وهي هذه الآيةُ، آخِرُ آيةٍ مِنَ النِّساءِ.

كما روى مسلمٌ في "صحيحِه"؛ مِن حديثِ مَعْدَانَ بنِ أبي طَلْحَةَ؛ أن عُمرَ بنَ الخطَّابِ خَطب يومَ الجُمُعة، فذكَرَ نبيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وذكَرَ أبا بكرٍ؛ قال: "إِنِّي رَأيتُ كَأنَّ دِيكًا نَقَرَنِي ثَلَاثَ نَقَرَاتٍ، وإِنِّي لَا أراهُ إِلَّا حُضُورَ أَجَلِي، وَإِنَّ أَقوَامًا يَأمُرُونَنِي أَن أَسْتَخلِفَ، وإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ، وَلَا خِلَافَتَهُ، وَلَا الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِنْ عَجِلَ بِي أمْرٌ، فَالخِلَافَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلَاءِ السِّتَّة، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَنهُمْ رَاضٍ، وَإنِّي قَدْ عَلِمتُ أن أقوَامًا يَطْعَنُون فِي هَذَا الأمْر، أَنَا ضَرَبْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الإِسْلَام، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ، فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللهِ الْكَفَرَةُ الضَّلَّالُ، ثُمَّ إِنِّي لَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أهَمَّ عِنْدِي مِنَ الكَلَالَة، مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي شَيءِ ما راجعْتُهُ فِي الكَلَالَة، وما أَغلَظَ لِي فِي شَيءٍ مَا أغْلَظَ لِي فِيهِ، حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي، فَقَالَ: (يَا عُمَرُ، أَلَا تَكفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورةِ النِّسَاءِ؟ ! )، وإِنِّي إِن أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>