في هذه الآيةِ: تفصيلُ ما حرَّم اللهُ مِن بهيمةِ الأنعامِ الذي ذكَرَهُ في أولِ السورةِ: ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ [المائدة: ١]، فذكرَ الله تفصيلَ المحرَّماتِ هنا، وذكَرَ جملةً مِن أوصافٍ حتى لا تَلتبِسَ بغيرِها، وفيما بينَ بعضِ هذه الأوصافِ عمومٌ وخصوصٌ، وبينَ بعضِها اختلافٌ وتبايُنٌ:
فيدخُلُ في وصفِ المَيْتَةِ: المنخنقةُ والموقوذَةُ والمُتَرَدِّيَةُ والنَّطِيحَةُ وما أكَلَ السَّبُعُ، وتتبايَنُ: فالمترديةُ غيرُ المُنخنِقةِ والنَّطيحة والمَوقوذة، والمَيْتَة أعمُّ هذه الأوصاف، وكذلك: فإنَّ ما أكَلَ السَّبُعُ قد يكون بخَنْقِهِ أو بجَرْحِه، وما أُهِلَّ لغيرِ اللهِ به أعَمُّ ممَّا ذُبِحَ على النُّصُبِ؛ فقد يُهَلُّ به لغيرِ اللهِ ويكونُ على غيرِ نُصُبٍ، فالذَّبْحُ على النُّصُبِ أخَصُّ، فالآيةُ عَمَّمَتْ وخَصَّصَتْ؛ للتوضيحِ والبيانِ وإزالةِ الإشكال، حتى لا يُظَنَّ أن العمومَ يُخرِجُ بعضَ الخاصِّ، أو أنَّ الخاصَّ لا يُقاسُ عليه نظيرُهُ، ثم إن اللهَ ذكَرَ أوصافًا معروفةً لدى العربِ فخَصَّها بالذِّكْرِ وإنْ دخَلَتْ في عمومِ المَيْتَةِ؛ دفعًا لتوهُّمِ عدمِ دخولِها، وإقامةً للحُجَّةِ، وقطعًا للأعذارِ.
المحرَّمُ مِن الأنعامِ:
وجِماعُ ما ذكَرَهُ اللهُ مِن أوصافٍ للمحرَّماتِ في هذه الآياتِ مِن المطعومِ عَشَرةُ أوصافٍ، وتقدَّمَ الكلامُ في سورةِ البقرةِ على أربعةٍ منها: