للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراتٍ: خمسًا في الذَّهابِ، وخمسًا في الإيابِ، وإنْ لم تَفْتِنْ غيرَها، فتَنَتْ نفسَها، والمرأةُ مجبولةٌ على القناعةِ بتأثيرِها في الرجلِ أكثرَ مِن قناعةِ الرجلِ بتأثيرِهِ في المرأةِ، فلا تخلُو مِن فتنةِ الرجلِ أو فتنةِ نفسِها؛ فقد روى أبو الأحوصِ، عن ابنِ مسعودٍ؛ قال: "إِنَّ المَرْأةَ عَوْرَةٌ، وَإِنَّهَا إِذَا خَرَجَت مِن بَيْتِهَا، اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَان، فَتَقُولُ: مَا رَآنِي أَحَدٌ إِلَّا أَعْجَبْتُهُ، وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ إِلَى اللهِ إِذَا كانت فِي قَعْرِ بَيْتِهَا" (١).

* * *

* قال تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤)} [آل عمران: ٤٤].

امْتَنَّ اللهُ على نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - بأنْ عَلَّمَهُ - مِن غَيْبِ الماضِينَ - تفصيلَ حالِ نبيِّ اللهِ عيسى وأُمِّهِ ووالدَيْها وكافِلِيها ونشأتِها وعبادتِها ورِزْقِه لها، ثمَّ بشارتِها بولادتِها لعيسى، ثمَّ قَصَّ عليه زمانَهُ ومكانَه، وحالَ أُمِّه مع الناسِ بعدَه، فهذا غيبٌ لا يُدرِكُه أحدٌ ولو كان في زمانِهم، وهذا كلُّه إبطالٌ لعقيدةِ النصارى في عيسى؛ لِيكونَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على عِلمٍ بدقائقِ حالِ عيسى ونشأتِه وأُمِّه، وليكونَ على بيِّنةٍ ببطلانِ فِرْيَتِهم وكَذِبِهم على اللهِ.

أحكامُ القُرْعةِ:

وفي قول تعالى {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} دليلٌ على جوازِ العملِ بالقُرْعَةِ، وأنَّها مُلزِمةٌ لِمَنْ رَضِيَ بها وتخاصَمَ إليها، خلافًا لبعضِ الحنفيَّةِ في قولِ


(١) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٩٤٨١) (٩/ ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>