للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفايةٍ عندَ جماهيرِ العُلَماءِ؛ خِلافًا لقولِ طائفةٍ مِن المالكيَّة، وقد صلَّى النبيُّ وصلَّى أصحابُهُ مِن بعدِه، ولم يَتْرُكوا جنازةَ مسلمٍ يُصلَّى على مِثْلِهِ إلَّا أدَّوْا حقَّ اللهِ فيه.

وقولُه تعالى: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾ دليلٌ على أنَّ المنافِقَ والمُجاهِرَ الفاسِقَ والمُعلِنَ بكَبيرتِهِ: لا يُصلِّي عليه إمامُ المُسلِمينَ، ويُترَكُ لعامَّةِ الناسِ؛ زَجْرًا لأمثالِه، وتنفيرًا لهم مِن سابقِ فِعالِه.

صلاةُ الجنازةِ على الكافرِ وأهلِ الكَبَائر، والصلاةُ على القَبْرِ:

وقد أجمَعَ المُسلِمونَ على تحريمِ الصلاةِ على الكفار، ولا يَحِلُّ الاستغفارُ لهم.

وكلُّ صاحبِ كبيرةٍ وبدْعةٍ مُعلِنٍ بها، فالأَولى لإمامِ المُسلِمينَ والقُدْوةِ الرَّأْسِ فيهم ألَّا يُصلِّيَ عليه؛ لأنَّ النبيَّ لم يُصَلِّ على ماعز ولم يَنْهَ عن الصلاةِ عليه، وفي مُسلمٍ؛ مِن حديثِ جابرِ بنِ سَمُرةَ؛ أنَّ النبيَّ لم يُصَلِّ على قاتِلِ نَفْسِهِ (١).

وفي قولِه تعالى: ﴿وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ دليلُ خِطَابٍ على استحبابِ القيامِ عندَ القبرِ بعدَ الدَّفْن، والدُّعاءِ لصاحبِه، لمَغْفِرةِ والعفوِ والصفحِ.

وأمَّا الصلاةُ على القبرِ بعدَ دَفْنِه، فقد وقَعَ فيه خلافٌ عندَ العلماء، ومنَعَ منه مالكٌ، وخصَّهُ أبو حنيفةَ بالوالي والوليِّ؛ وذلك إذا فاتَتِ الصلاةُ؛ باعتبارِ أنَّ الصحابةَ لم يتَّخِذوهُ عادةً، وقد سُئِلَ مالكٌ عن صلاةِ النبيِّ على قبرِ المرأةِ؟ فقال: قد جاء هذا الحديثُ، ولكنْ ليس عليه العمَلُ (٢).

ولو ثبتَتِ الصلاةُ عن النبيِّ على القبر، فلم تَكُنْ منه عادةً،


(١) أخرجه مسلم (٩٧٨).
(٢) "الاستذكار" (٨/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>