للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا مَن يتَّخذُها عادةً ويتَوانَى عن شهودِ الجنائز، ويتَعمَّدُ تركَ الصلاةِ عليها قبلَ دَفْنِها؛ لكونِه مُدْرِكًا لذلك بعدَ الدفن، فهذا ليس مِن السُّنَّة، ولا ينبَغي أنْ يُحكَى فيه خلافٌ.

ومَن فاتَتْهُ الصلاةُ قبلَ الدَّفْنِ لسببِ غيابِهِ وتعذُّرِ شهودِهِ لِمَن يَعرِفُهُ، أو مَنْ له حقٌّ عليه، أو لصاحبِ فضلٍ، فإنَّه يُصلِّي عليه بعدَ دفنِه، وقد صَلَّتْ عائشةُ على قَبْرِ أخيها عبد الرحمنِ (١)، وابرُ عُمَرَ على قبرِ أخيه عاصمٍ (٢)، وجاء ذلك عن جماعةٍ مِن السَّلَفِ؛ كابنِ سِيرِينَ (٣)، وسَلْمانَ بنِ ربيعةَ (٤)، وغيرِهما.

* * *

قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (٩٢) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [التوبة: ٩١ - ٩٣].

في هذه الآياتِ: بيانٌ لوجوبِ النفيرِ عندَ قيامِ مُوجِبِه؛ بدليلِ الخِطَابِ؛ فإنَّ اللهَ لم يَرفَعِ الحرَجَ عن المعذورينَ إلَّا لوجودِهِ على غيرِهم.


(١) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٦٥٣٩)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١١٩٣٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٤٩).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١١٩٤٠).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١١٩٤١).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١١٩٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>