للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى معناهُ جعفرُ بنُ محمدٍ عن ثابتٍ.

أخرَجَه ابنُ المنذرِ في "تفسيرِه"، وهو ظاهرُ اختيارِ ابنِ جريرٍ.

وعلى المعنى الثاني: يحتمِلُ أنْ يكونَ الكلامُ في الصلاةِ مباحًا، كما كان في أولِ الإِسلامِ، ثمَّ نُسِخَ، ويحتملُ أنَّه محرَّمٌ ولكن الملائكةَ كلَّمَتَّهُ لِتُبَشِّرَهُ وهو يسمَعُ لا يتكلَّمُ.

الكلامُ في الصلاةِ:

ولا خلافَ عندَ علماءِ الإِسلامِ في منعِ الكلامِ في الصلاةِ الذي ليس مِن جنسِ أقوالِها، وأنَّه يُبطِلُ الصلاةَ، على خلافٍ في أدنَى ما يُبطِلُ الصلاةَ مِن الحرفِ والحرفَيْنِ؛ لقولِه - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ من كَلَامِ النَّاسِ؛ إِنَّمَا هُوْ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ) (١).

وأمَّا استماعُهُ لغيرِهِ، فيتَّفِقُونَ على وجوبِ الاستماعِ لما لا تتمُّ الصلاةُ إلا بالاستماعِ إليه؛ كتكبيراتِ الإحرامِ والانتقالِ والسلامِ، فلا تتمُّ المتابعةُ إلا به؛ لقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ؛ فَإِذَا كَبَّرَ فكَبِّرُوا) (٢).

وأمَّا حديثُ غيرِ المُصلِّي مع المصلِّي، فعلى قِسمَينِ:

الأولُ: ما كان في مصلَحةِ الصلاةِ؛ كدَلالتِه إلى القِبْلةِ، وإرشادِهِ إليها عندَ توجُّهِهِ خطأً إلى غيرِها؛ فهذا يُستحَبُّ ويَتأكَّدُ، وقد يجبُ؛ ففي الصحيحِ عن البَرَاءِ - رضي الله عنه -؛ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى إلى بيتِ المَقدِسِ ستةَ عشَرَ شهرًا، أو سبعةَ عشَرَ شهرًا، وكان يُعجِبُهُ أن تكونَ قِبلتُه قِبَلَ البيتِ، وأنَّه صلى - أو صلَّاها - صلاةَ العصرِ، وصلَّى معه قومٌ، فخرَجَ رجلٌ ممَّن كان صلَّى معه، فمَر على أهلِ المسجدِ وهم راكعونَ، قال: أشهدُ


(١) أخرجه مسلم (٥٣٧) (١/ ٣٨١).
(٢) أخرجه البخاري (٣٧٨) (١/ ٨٥)، ومسلم (٤١١) (١/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>