بدعةً ويُضِيفُونَ إليها سُنَّةً، أو يَأتُونَ بسُنَّةٍ ويُضِيفُونَ إليها بدعةً بعِلْمٍ وقصدٍ؛ فهؤلاء لا يُؤجَرونَ على عَمَلِهم سُنَّةً وبدعةً؛ لأنَّهم أنشَؤُوا العملَ المُخالِفَ للسُّنَّةِ عن عِلمٍ؛ وإنَّما يُؤجَرُوا على ما أُضِيفَ إلى البدعةِ مِن السُّنَّةِ؛ لأنَّهم يَعلَمُونَ أنَّهم لنْ يَقومُوا بالسُّنَّةِ وحدَها لو لم تكنِ البدعةُ فيها؛ فالبدعةُ هي ما جَرَّ السُّنَّةَ إليها لتُشرَّعَ البدعةُ وَيقبَلَها الناسُ، ولو لم تكنِ البدعةُ موجودةً ما جاؤُوا بالسُّنَّةِ وحدَها؛ لهذا لا يُؤجَرونَ على تلك السُّنَّةِ المُختلِطةِ بالبدعةِ؛ لِعِلْمِهم وسُوءِ قصدِهم.
العملُ الصالحُ من الكافِرِ؛ إذا أسلَم:
ويُقبَلُ العملُ مِن المُشرِكِ المُخلِصِ في عملٍ يعملُهُ يُتابعُ فيه الحقَّ إذا تابَ مِن شِرْكِهِ كلِّه؛ لما في "الصحيحَيْنِ"، عن حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ ﵁؛ قال: يَا رَسُولَ الله، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بها فِي الجَاهِلِيَّةِ مِن صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ، وَصِلَةِ رَحمٍ؛ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:(أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ)(١).
فحَكِيمٌ كان يعملُ عملًا في الحاهليَّةِ مُخلِصًا به لله، ولم يكنْ مُبتدِعًا، مع كونِه مُشْرِكًا في أعمالٍ أُخرَى؛ فاللهُ لا يُضِيعُ عمَلَهُ الذي أخلَصَ فيه ووافَقَ الحقَّ به بعدَ دخولِه في الإسلامِ.
وفي عمومِ الآيةِ: ﴿لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ دليلٌ على رجوعِ عملِ المُرتَدِّ إليه بعدَ توبتِهِ مِن كُفْرِهِ ممَّا كان يعمَلُهُ وهو مسلِمٌ كالحجِّ وغيرِه، وتقدَّمَت الإشارةُ إلى هذا في سورةِ البقرةِ عندَ قولِه تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ [٢١٧].