للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي سلمة وغيرهم؛ فقد روى محمَّد بن عمرٍو، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْطٍ؛ أنَّه قال: سأل سعيد بن المُسيَّب، وعطاء بن يسارٍ، وسليمان بن يسارٍ، وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوفٍ، فقالوا: "إنَّما تحرُمُ من الرَّضاعة ما كان من قبل النِّساء، ولا تحرُمُ ما كان من قبل الرِّجال" (١).

عددُ الرَّضعات المحرِّمة:

ولا يختلفُ العلماء في أنَّ خمس الرضعات يُحرِّمْنَ؛ وإنَّما الخلافُ فيما دُونهنَّ، فقد اختلف الأئمَّة على أقوالٍ ثلاثةٍ، وهي ثلاث رواياتٍ عن أحمد:

القول الأول: يُحرِّم من الرَّضاع قليله وكثيره؛ لعموم الآية وإطلاقها؛ وبهذا القول قال مالكٌ، وعليه مذهبه، والحنفيَّة، وبه قال ابن المسيَّب وعروة وابن شهابٍ.

القول الثاني: لا يُحرِّم أقلُّ من ثلاث رضعاتٍ، وتُحرِّمُ الثلاث وما فوقها؛ وذلك لما ثبت في مسلمٍ، عن عائشة؛ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تُحَرِّمُ المصَّةُ والمصَّتانِ) (٢).

ومِن حديث أمِّ الفضل؛ قالت: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ أو الرَّضْعَتان، أوِ المصَّةُ أوِ المصَّتَانِ) (٣).

وفي لفظٍ آخر لمسلم أيضا: (لا تُحَرِّم الإِمْلاجَةُ والإمْلاجَتَانِ) (٤).

وقال به إسحاق وأبو عبيدٍ وابن المنذر.

القول الثالث: لا يُحرِّمُ من الرَّضاع إلا خمسُ رضعاتٍ فما فوقُ، ولا يُحرِّمُ أقلُّ مِن ذلك؛ وهو قول الشافعيِّ، والصحيحُ في مذهب أحمد؛ وهو قول عائشة وابن مسعودٍ وابن الزُّبير وطاوسٍ وعطاءٍ؛ وذلك


(١) "تفسير ابن المنذر" (٢/ ٦٢٥).
(٢) أخرجه مسلم (١٤٥٠) (٢/ ١٠٧٣).
(٣) أخرجه مسلم (١٤٥١) (٢/ ١٠٧٤).
(٤) أخرجه مسلم (١٤٥١) (٢/ ١٠٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>