للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روي سالمٌ، عن ابن عمر؛ قال: "لا بأسَ بلبن الفَحْل" (١).

وروى مالكٌ، عن ابن شهابٍ، عن عمرو بن الشَّريدِ؛ قال: سُئل ابنُ عبَّاسٍ عن رجلٍ كانت له امرأتان، فأرضعت إحْدَاهما غُلامًا، وأرضعتِ الأخرى جاريةً، فقيل له: هل يتزوَّج الغلام الجارية؟ فقال: "لا؛ اللِّقاحُ وَاحِدٌ" (٢).

ولا مخالف لهم من الصحابة، وأمَّا ما رواه مالكٌ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة؛ أنَّها كان يدْخل عليها مَن أرضَعَتْه أخواتُها وبناتُ أخيها، ولا يدْخُلُ عليها مَن أرضعه نِساءُ إخوتها (٣) , فهذا عملٌ لا رفعٌ للتحريم، وقد يكون حامل ذلك الورع، وقد أدخل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عليها عمَّها من الرَّضاعة؛ فلا يُتصوَّر أن تقول بخلافِه.

وبه قال عروة والزُّهريُّ وطاوسٌ وعطاءٌ ومجاهدٌ ومكحولٌ والنَّخعيُّ؛ وهو قول الأئمَّة الأربعة؛ لثبوت الدليل في مُشابهة التحريم من جهات الرَّضاع كالتحريم من جهات النَّسبِ؛ لهذه الآية، فتخصيصُ الأمَّهات والأخوات بالذِّكر، لا يُخرج البنات من الرَّضاعة؛ لأنَّهنَّ أولى بالتحريم من الأخوات، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (يحْرُمُ من الرَّضاعة ما يحْرُمُ مِن الوِلادَةِ)؛ مِن حديث عمرَةَ عن عائشة؛ أخرجه الشيخانِ (٤).

وذهب بعض السلف: إلى أنَّ التحريم لا يكونُ من جهة الرَّجلِ، وهو الأب وأصولُهُ وفروعُهُ وحواشيه؛ وإنما من جهة الأمِّ خاصَّةً وفروعها وحواشيها، ورُوي هذا القول عن ابن المسيَّب وسليمان بن يسارٍ


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٣٩٤٣) (٧/ ٤٧٤).
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (عبد الباقي) (٥) (٢/ ٦٠٢).
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" (عبد الباقي) (٩) (٢/ ٦٠٤).
(٤) أخرجه البخاري (٢٦٤٦) (٣/ ١٧٠)، ومسلم (١٤٤٤) (٢/ ١٠٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>