في الحقيقةِ، وربَّما يتناقضُ في الأذهانِ القاصرةِ، فيُؤمِنونَ بجميعِ القرآنِ، ويَفصِلونَ في متشابِهِه بمُحكَمِه.
الحكمةُ مِن وجودِ المتشابِهِ في القرآن:
ووجودُ المتشابهِ في القرآنِ لا يُنافي الحِكْمةَ مِن إنزالِه، وهو الهدايةُ والنورُ والبيِّنةُ وإقامةُ الحُجَّةِ على الخَلْقِ؛ فاللهُ جعَلَ في أصلِ الحِكْمةِ مِن الخَلْقِ ابتلاءَ الناسِ واختبارَهم، والابتلاءُ على نوعينِ:
وجعَلَ لكلِّ ابتلاءٍ أسبابًا تُمكِّنُ له، ومِن هذا ابتلاءُ اللهِ للعقولِ بالمتشابهاتِ ومدى ثباتِ النفوسِ ومَيْلِها مع وضوحِ المُحكَماتِ البيِّناتِ؛ لِيختبِرَ اللهُ الصادقَ مِن المنافِقِ.
المتشابِه المُطلقُ:
وقد اختَلَفَ العلماءُ في وجودِ المتشابهِ المطلَقِ في القرآن الذي لا يعلمُه أحدٌ إلا اللهُ على قولَيْنِ، واختَلَفُوا في الوقفِ على اسمِ (الله) سبحانَهُ في قوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾:
فقال بالعطفِ جماعةٌ؛ كابنِ عباسٍ ومجاهدٍ والقاسم بنِ محمدٍ، قال ابنُ عباسٍ:"أنا مِن الراسِخينَ في العِلمِ الذين يَعلَمونَ تأَويلَه"(١).
ومَن قال بذلك، قال: إنَّ اللهَ لم يجعَلْ في كتابِه متشابهًا إلا علَّمَهُ أحدًا مِن العلماءِ، ولا تشابُهَ مطلَقٌ في القرآنِ؛ وإنَّما هو نسبيٌّ يفُوتُ على عالِمٍ أو علماءَ فيَعرِفُهُ عالمٌ أو علماءُ، ولكنَّه لا يتشابَهُ في الأرضِ