للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ , إلى آخرِ الآيةِ؛ قال: قد نُسِخَ هذا! وقرَأَ قولَ اللهِ: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ [التوبة: ٣٦]، وهذه الناسخةُ، وقرَأَ: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [التوبة: ١]، حتَّى بلَغَ: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ إلى: ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ٥] (١).

وبعضُ المفسِّرينَ جعَلَ الآيةَ مُحْكَمةً لم تُنسَخْ، وأنَّ العُدْوانَ المقصودَ هو النهيُ عن قتالِ الصِّبْيانِ والنِّسَاءِ والشُّيُوخِ، وأنَّ الحكمَ باقٍ في مِثْلِ تلك الحالاتِ التي كان عليها المسلِمونَ؛ فعن مُعاوِيةَ، عن عليٍّ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾؛ يقولُ: "لا تقتُلوا النِّساءَ ولا الصِّبيانَ ولا الشيخَ الكبيرَ، ولا مَنْ ألقَى إليكمُ السَّلَمَ وكفَّ يَدَهُ؛ فإن فَعلتُم هذا، فقَدِ اعتديتُم" (٢).

وعن يحيى بنِ يحيى الغَسَّانيِّ، قال: كتَبْتُ إلى عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ أسألُهُ عن قولِه: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾، قال: فكتَبَ إليَّ: "إنَّ ذلكَ في النِّسَاءِ والذُّرِّيَّةِ ومَن لم ينصِبْ لكَ الحربَ منهُم"؛ رواهُ ابنُ جريرٍ (٣)، وجاء هذا القولُ عن مجاهدٍ أيضًا (٤).

وهذا الأشبهُ بالصوابِ، صوَّبَهُ أبو جعفرٍ النَّحَّاسُ.

حكمُ قتلِ النساءِ والصبيان:

والمقاتَلةُ تكونُ مِن طرَفَيْنِ، والنساءُ والصبيانُ والشُّيوخُ لا يُقاتِلونَ، وكلُّ مَن لم يُقاتِلِ المؤمنينَ، فلا يَدخُلُ في الآيةِ؛ وهذا هو الأصلُ.


(١) "تفسير الطبري" (٣/ ٢٩٠).
(٢) "تفسير الطبري" (٣/ ٢٩١).
(٣) "تفسير الطبري" (٣/ ٢٩٠).
(٤) "تفسير الطبري" (٣/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>