للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى ابنُ عبدِ البرِّ الإجماعَ على تحريمِ قتلِ النساءِ والصبيانِ إذا لم يُقاتِلُوا (١).

وروى ابنُ أبي شَيْبةَ، وابنُ عبدِ البرِّ، عن عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عن نافعٍ، عنِ ابنِ عمرَ؛ قال: "كتَبَ عُمَرُ إلى أمراءِ الأجنادِ: لا تَقْتُلوا امرأةً ولا صبيًّا، واقتُلُوا مَن جَرَتْ عليه المَوَاسي" (٢).

وروى سُنَيْدٌ، عن أبي بكرِ بنِ عَيَّاشٍ، عن عمرِو بنِ ميمونٍ؛ قال: كتَبَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ إلى جَعْوَنَةَ وكان أمَّرَهُ على الأدرابِ: "أنْ لا تَقتُلِ امرأةً، ولا شيخًا، ولا صغيرًا، ولا راهبًا" (٣).

ولكنْ إذا دخَلَ النساءُ في صفوفِ القتالِ، وشارَكَ الشيوخُ معَهُمْ في القتالِ، فيدخُلُونَ في حكمِ المقاتِلينَ في قولِه: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ عندَ أكثرِ العلماءِ، وهو قولُ الأئمَّةِ الأربعةِ والليثِ وإسحاقَ.

ويدخُلُ في هذا الحُكْمِ إذا كانت تشارِكُ في الحربِ في غيرِ قتالٍ؛ كالإمدادِ بالعُدَّةِ والعَتَادِ، والتحريضِ بالشِّعْرِ والنَّدْبِ، وأمَّا إذا كانَتْ تصنعُ الطعامَ والشرابَ وتُداوِي الجَرْحى، فلا أرى أنَّ هذا يدخُلُ في بابِ المُقاتَلةِ؛ لأنَّ الطعامَ والشرابَ وعلاجَ المريضِ تَعملُهُ النساءُ في كلِّ حينٍ عادةً غالبةً لها، وأمَّا عُدَّةُ الحربِ والندبُ إلى القتالِ، فهذا ليس مِن شأنِ النساءِ، فدخُولُها فيه دخولٌ في حُكْمِ القِتالِ.

روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن هِشَامٍ، عنِ الحسَنِ؛ قال: "إِذا خَرَجَتِ المَرْأَةُ مِن المُشْرِكِينَ تُقَاتِلُ، فَلْتُقْتَلْ" (٤).


(١) "الاستذكار" لابن عبد البر (١٤/ ٦٠).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٣١٢٩) (٦/ ٤٨٤)، وابن عبد البر في "الاستذكار" (١٤/ ٦٤).
(٣) "الاستذكار" لابن عبد البر (١٤/ ٦٣).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٣١٤١) (٦/ ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>