للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقولِ اللهِ - عز وجل -: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ} [الفتح: ٢٥] " (١).

وإذا كان المسلِمُونَ لا يَمْلِكونَ فَكَّ أَسْراهُم، ولا يَملِكونَ تَفادِيَهم، ولا تفادِيَ نساءِ المشرِكِينَ ولا صِبْيانِهم ولا كَنَائِسِهم عند القتالِ الذي بتعجيلِهِ نُصْرةُ المسلِمِينَ، وبتأخيرِهِ ضعفٌ وهوانٌ وهزيمةٌ لهم، فيجبُ عليهم القتالُ ولو قُتِلَ أَسْرَى المسلِمِينَ وصِبيانُ المشرِكِينَ ونساؤُهم، مع أنَّ الحالاتِ في ذلك تتبايَنُ بحَسَبِ كَثْرةِ الأسرى والحاجةِ للقتالِ، وأثرِ تأخيرِ القتالِ على المسلِمينَ.

فهذه اعتباراتٌ لا بُدَّ مِن أخذِها عندَ الحُكْمِ على مسألةٍ بعينها.

حكمُ قتلِ الفلَّاحين والعُمَّال:

والفَلَّاحُ والعامِلُ والأجيرُ لغيرِ الحربِ، وكلُّ مَنْ لم يقاتِلْ أو لم يُعِنْ على عُدَدِ الحربِ وعَتَادِها، أو لم يحرِّضْ على قتالٍ: فإنَّه لا يُقتَلُ؛ فصحَّ في "المسنَدِ"؛ مِن حديثِ المرقَّعِ بنِ صَيْفِيٍّ، عن جَدِّهِ رَبَاحِ بنِ الرَّبِيعِ، أَخي حَنْظَلَةَ الكَاتِبِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ غَزاهَا، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ، فَمَرَّ رَبَاحٌ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ، مِمَّا أَصَابَتِ المُقَدِّمَةُ، فَوَقَفُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، وَيَتَعَجَّبُونَ مِن خَلْقِهَا، حَتَّى لَحِقَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على رَاحِلَتِهِ، فَانْفَرَجُوا عَنْهَا، فَوَقَفَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: (مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ)، فَقَالَ لِأَحَدِهِمُ: (الْحَقْ خَالِدًا, فَقُلْ لَهُ: لَا تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً، وَلَا عَسِيفًا)؛ أخرجه أحمدُ وأبو داودَ والنَّسَائيُّ وابنُ ماجهْ (٢).


(١) "الاستذكار" لابن عبد البر (١٤/ ٦٦).
(٢) أخرجه أحمد (١٥٩٩٢) (٣/ ٤٨٨)، وابن ماجه (٢٨٤٢) (٢/ ٩٤٨)، وأبو داود (٢٦٦٩) (٣/ ٥٣)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٨٥٧١) (٨/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>