الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ [النور: ٤]، ولقولِه: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾ [النور: ٨]، وكذلك لِما في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ، في استشهادِ النبيِّ ﷺ للزَّاني على نفسِه أربعًا.
وقولُه تعالى في الآيةِ: ﴿أَرْبَعَةً مِنْكُمْ﴾ تقييدٌ للشهودِ بالمؤمنينَ، ومِثلُ هذا قولُهُ في الطلاقِ: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [٢] وفي البقرةِ قال: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ [٢٨٢].
تعظيمُ فاحشةِ الزنى:
نزَلَتْ هذه الآية قبلَ آياتِ الحدودِ؛ تشنيعًا وتبشيعًا لفاحشةِ الزِّنى، وتهديدًا لفاعِلِها، ثمَّ بيَّنَ اللهُ حُكمَهُ وسبيلَهُ في سورةِ النورِ لمَّا أنزَلَ اللهُ حَدَّ الزنيةِ والزاني غيرِ المُحْصَنِ بالجَلْدِ والتغريب، والمُحصَنِ بالرَّجْمِ والجَلْدِ؛ كما في آيةِ:"الشيخُ والشيخةُ"، والأحاديثِ المتواترةِ في الرجمِ في "الصحيحَيْنِ"، وغيرِهما.
وفي الآيةِ: أنَّ العقوباتِ لا تُنزَلُ إلا بالبيِّناتِ كالشهود، ولو مِن الوليِّ؛ كالزوجِ على زوجتِه، والأبِ على ابنتِه، وإنزالُها بالتشهِّي والظنِّ محرَّمٌ.
وقولُه: ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ﴾ هذا حُكْمٌ للنساءِ خاصَّةً في أولِ الأمرِ؛ لقوله: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ﴾.
وقولُهُ: ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا﴾ حُكْمُ الرجالِ والنساء، ثمَّ جعَلَ الله حُكْمَ الجميعِ كما في سورةِ النورِ.
وقال بعضُ السلفِ:"إنَّ الأَذَى للرجالِ فقطْ"؛ وهو قولُ مجاهدٍ (١).