وفي الآيةِ: وجوبُ تركِ مَن تابَ، وصحَّتْ توبتُهُ بعدَ إقامةِ الحدِّ عليه؛ فلا يُعَيَّرُ ولا يُسَبُّ ولا يُوَبَّخُ ولا يُذكرُ بذنبِه؛ حتى لا يُلازِمَهُ فيَهزِمَهُ، وقد ثبَتَ فِي "الصحيحَيْنِ": (إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا)(١)؛ أيْ: ثمَّ لا يجوزُ أن يُعيِّرَها بما فعَلَتْ بعدَ الحدِّ الذي هو كفارةٌ لِما صنَعَتْ.
ومِثلُه: مَن ظهَرَتْ توبتُهُ ولو لم يُقَمْ عليه الحدُّ مِن قِبَلِ السُّلْطانِ، فليس للعامَّةِ تعييرُهُ وسَبُّهُ؛ لأنَّ الحَدَّ إلى السُّلْطان، والإعراضُ الذي في الآيةِ {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} خطابٌ للسُّلْطانِ وللعامَّةِ.
والتوبةُ لا تُسقِطُ الحَدَّ على مَن قامَتِ البيِّنة عليه عندَ السُّلْطانِ؛ وهذا قولُ الجمهورِ؛ كمالكٍ وأبي حنيفةَ والشافعي في آخِرِ قولَيْهِ.