للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أمِّ سَلَمَةَ عندَ ابنِ ماجَهْ (١)، وفيه مجهولانِ، واضطرَبَتْ فيه جَسْرَةُ؛ تارةً تَرْوِيهِ عن عائشةَ، وتارةً عن أمِّ سلمةَ، والصحيحُ عن عائشةَ كما قاله أبو زُرْعةَ (٢).

دخولُ الحائِضِ للمسجِدِ:

وقد ذهَبَ المُزَنيُّ: إلى جوازِ دخولِ الحائضِ للمسجد،

وجعَلَ أحمدُ حُكْمَها كالجُنُبِ؛ لو توضّأتْ جاز أنْ تدخُلَ، وإنَّما ذكَرَ الجُنُبِ؛ لأنَّ وصفَ الجنابةِ يقعُ مِن الرجالِ والنساء، ولأنَّ الرجالَ أكثَرُ قُرْبًا للمساجدِ ومُكْثًا فيها.

ولا يَلزَمُ اشْتراكُ الحائضِ في الحُكْمِ؛ لأنَّ الجنابةَ سببٌ يُمكِنٌ لصاحِبِهِ رفعُهُ، بخلافِ الحيضِ؛ فالمرأةُ لا يُرفَعُ حيضُها إلَّا بأمرِ الله، وذِكرُهُ مؤكَّدٌ لو اشتركَ مع الجُنُبِ في الحُكْم، فالحائضُ أيَسرُ مِن الجُنُب، والأوْلى لها الوضوءُ إنْ دخَلَتْ بشرطِ عدمِ تلوثِ المسجدِ باستثفارٍ وحَفَائِظَ ونحوِها، وتُبتلى النساءُ لدخولِ المساجدِ كنساءِ أهلِ الصُّفَّةِ ومَن تَقُمُّ المسجدَ، وعدمُ بيانِ الحُكمِ القطعيِّ أمارةٌ على التيسيرِ.

وحديثُ عائشةَ؛ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لها: (نَاوِلينِي الْخمْرَةَ)، وهي بِسَاطٌ للصلاة، قالت: إنِّي حَائِضٌ! فقال: (إنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ) (٣).

بيَّنَ به المرادَ: أنَّ الحَيْضَ لا يُرفَعُ كالجنابةِ فتَرفعَهُ بالغُسْلِ؛ فإنَّ الغُسْلَ لا يَرفَعُ الحيضَ ما دام نازِلًا، وانقطاعُهُ بيدِ اللهِ لا بيدِها، فخُفِّفَ في الحائضِ أكَثرَ مِن الجُنُبِ.


(١) أخرجه ابن ماجه (٦٤٥) (١/ ٢١٢).
(٢) "علل الحديث" لابن أبي حاتم (٢/ ١٣٨).
(٣) أخرجه مسلم (٢٩٨) (١/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>