للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا مَضْمَضْتُ" (١)، وذكَرَهُ في سياقِ المضمضةِ في الوضوء، وهذا فيه نظر؛ فإنَّ المرويَّ عن ابنِ عبَّاسٍ في سياقِ المضمضةِ مِن الطعام، لا المضمضة في الوضوء، والتلمظُ هو تحريكُ اللسانِ في الفمِ لتحريكِ بقيةِ الطعام، وذلك أن أكلَ الطعامِ لا يُوجب وضوءًا، وأنَّه مضمَضَ كيلا يتلمَّظَ في صلاته، ولم يَقصِد أن المضمضةَ لِذاتِها سنة بعدَ الطعامِ.

وفي سياقِ المضمضةِ والوضوءِ مِن الطعامِ أورَدَهُ عبد الرزاقِ (٢)، وكذلك البيهقي (٣)، وليس في بابِ مضمضةِ الوضوءِ.

ومِثلُ هذا يقعُ فيه ابن جرير مع سعة عِلمِهِ في إيرادِ بعضِ الآثارِ عن السلفِ في غيرِ سياقِها، ويستدِل بها لغيرِ ما جاءت فيه، واللهُ أعلَم.

وقد اختلَفَ القول في المضمضةِ والاستنشاقِ عن أحمد؛ فنقَلَ عنه ابنُ هانئِ القولَ بوجوبِ إعادةِ مَن صلَّى وقد تركهما في الوضوء، ونقل عنه ابنُ منصورِ وجوبَ الإعادةِ لِمَنْ تَرَكَ الاستنشاقَ (٤).

غسل اليدَيْن إلى المِرفَقينِ:

وقولُه تعالى: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾:

فيه: وجوبُ الغَسلِ لليدَيْنِ إلى المرافِقِ ولا يُزادُ عليه؛ إذْ لم يثبُتْ في ذلك سُنَّة مرفوعة، وأما ما جاء في حديثِ أبي هُرَيرةَ ، في "الصحيحَينِ": (فَمَنِ استَطَاعَ مِنكم أنْ يُطِيلَ غرتهُ، فَلْيفعَل) (٥)، وحديثهِ الآخَرِ في مسلمٍ: (تَبلُغ الحِلية مِنَ المُؤمن، حَيث يَبْلُغُ الوَضوء) (٦)،


(١) "تفسير الطبري" (٨/ ١٦٨).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٦٥٧) (١/ ١٧٠).
(٣) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٦٠).
(٤) "مسائل ابن منصور" (١/ ٧١)، و"طبقات الحنابلة" (١/ ٦٧).
(٥) أخرجه البخاري (١٣٦) (١/ ٣٩)، ومسلم (٢٤٦) (١/ ٢١٦).
(٦) أخرجه مسلم (٢٥٠) (١/ ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>