للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كمجاهِدٍ (١) والحسَنِ (٢)، ومنهم: مَن جعَلَها خاصَّة بتلك الأربعةِ الأشهًرِ التي جعَلَها اللهْ أجَلًا للمُشرِكينَ، وهي أشهُرُ التَّسْيِيرِ ولا يأخُذُ حُكْمَها غيرُها (٣)، ومنهم: مَن قال: إنَّها منسوخةٌ بقولِه: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]؛ وهو قولُ الضحَّاكِ والسُّدِّيِّ (٤).

والأظهَرُ: أنَّها مُحْكَمةٌ؛ فإنَّ الإجارةَ مِن أحكامِ الشريعةِ المُحْكَمة، والقولُ بنَسْخِ هذه الآيةِ معَ ثبوتِ الحُكْمِ في الدِّينِ فيه نظَرٌ.

ويجبُ تعليمُ المستجيرِ الدِّينَ، ويُفهمُ إيَّاة يرِفْقِ ولِينٍ؛ فإنَّ اللهَ ما أرسَلَ أنبياءَهُ إلَّا بذلك، فإنَّما هم رَحْمة لأمَمِهم، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رحمةٌ للعالَمِينَ.

مَن يَملِكُ حقَّ إجارةِ الكافرِ:

والإمامُ وكلُّ أحدٍ مِن المُسلِمينَ له أنْ يُجِيرَ مَن شاءَ؛ رجُلًا أو امرأةً، وتَجْري إجارتُهُ على الجميع، وقد ثبَتَ في "الصَّحيحَيْنِ"؛ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم - قال: (ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَة اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَل الله مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا) (٥).

وهذا لا خلافَ عِندَ العلماءِ فيه، إلَّا خلافٌ غيرُ معتبَرِ مخالِفٌ للدليل، يقولُ به ابنُ الماجِشونِ وابن حَبِيبٍ حيثُ جعَلَا الإجارةَ موقوفةً على نظَرِ الإمامِ.


(١) "تفسير الطبري" (١١/ ٣٤٧)، و "تفسير ابن أبي حاتم" (٦/ ١٧٥٥).
(٢) "تفسير القرطبي" (١٠/ ١١٦).
(٣) "تفسير ابن عطية" (٣/ ٩)، و"تفسير القرطبي" (١٠/ ١١٦).
(٤) "تفسير ابن عطية" (٣/ ٩)، و"تفسير القرطبي" (١٠/ ١١٦).
(٥) أخرجه البخاري (٧٣٠٠)، ومسلم (١٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>