للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى المعنى الثاني: يُحمَلُ ما رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ مِن نسخِ آيةِ القلائدِ هذه، حيثُ إن الآية جاءت بتعظيمِ القلائدِ عمومًا معًا جرى عليه عملُ الناسِ عندَ نزولِ الآية، ثم نُسِخَ عملُهمُ الزائد عن هَدْيِ النبي الخاصِّ، وقد رُويَ عن ابنِ عبَّاسٍ نسخُ آيةِ القلائدِ هذه وآية أخرى؛ كما رواهُ الحَكَمُ، عن مجاهد، عن ابنِ عباسٍ ، قال: "نُسِخَ مِن هذه السورةِ آيتانِ: آيةُ القلائد، وقولُهُ: ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ [المائدة: ٤٢]، أخرَجَهُ ابنُ أبي حاتمٍ (١).

وجاء عن عامرٍ ومجاهدٍ وقتادةَ (٢): أنَّ اللهَ نَسَخَ مِن سورة المائدةِ هذه الآيةَ: ﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ﴾.

ورُويَ عن الحَسَنِ؛ أنَّه لم ينسَخُ منها شيءٌ (٣)، والأظهرُ: أنَّه نُسِخَ شيءٌ منها، وقد حكى ابنُ جريرٍ الإجماعَ على ذلك (٤)، وإنَّما الخلافُ في تعيينه منِ هذه السورةِ.

تقليدُ الهَدْيِ:

ومِن آيةِ القلائدِ هذه أخَذَ عيرُ واحدٍ مِن السلفِ حُرْمةَ الهدايا المقلَّدةِ إلى البيت، وعدمَ جوازِ تغييرِ النيَّةِ فيها، وأن مَن ساق الهَدْيَ وقلَّدَهُ، فقد أحرَمَ؛ فيجب عليه نزعُ قميصِه، جاء ذلك عن ابنِ عباسٍ (٥).

وذهب جماعةٌ مِن السلفِ والفقهاءِ؛ إلى أن الهَدْيَ المقلَّدَ يكونُ حقًّا للهِ بتقليدِه، ويخرُجُ حتى مِن مِلْكِ صاحِبِه، فلا يُورَثُ منه لو مات قَبْلَ ذَبْحِه؛ وهذا قولُ مالكٍ.

وقال أحمدُ: بجواز إبدالِه بأحسنَ منه.


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١١٣٥).
(٢) "تفسير الطبري" (٨/ ٣٥ - ٣٦).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) "تفسير الطبري" (٨/ ٣٩).
(٥) "تفسير الطبري" (٨/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>