وهي مكيَّةٌ مِن العِتَاقِ، وهي ممَّا نزَلَ قبلَ هجرةِ جعفرٍ إلى الحبشةِ؛ فقد كانتْ معه فقرَأَها على النَّجَاشِيِّ، ففي "المسنَدِ"؛ مِن حديثِ أمِّ سلمةَ؛ قالتْ: قال النَّجاشِيُّ لجعفر بنِ أبي طالبٍ: هل معَكَ ممَّا جاء به نبيُّكم شيءٌ؟ قال: نَعَمْ، فقال له النَّجَاشِيُّ: فاقرَأْهُ عليَّ، فقرَأَ عليه صدرًا مِن (كهيعص)، قالتْ: فبكَى واللَّهِ النجاشِيُّ حتى أَخْضَلَ لحيتَهُ وبكَتْ أساقفتُهُ حتى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهم حينَ سَمِعُوا ما تلا عليهم، ثم قال النَّجَاشِيُّ: إنَّ هذا -واللَّهِ- والذي جاء به موسى: لَيخرُجُ مِن مِشكاةٍ واحدةٍ! انطلِقَا؛ فواللَّهِ لا أُسلِمُهم إليكم أبدًا (١).
وكانتْ هذه السورةُ لبيانِ حقيقةِ عيسى وأمِّه، وإبطالِ مَزاعِمِ اليهودِ والنَّصارى حولَهما، مِن القولِ الشنيعِ في مريمَ والتأليهِ لعيسى، وبيَّن اللَّهُ أصلَها، وقَصَّ نسَبَها، وفضلَ آلِ عِمْرانَ ونزاهتَهُمْ وشرَفَ بيتِهم.