للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنواعه، ويحرُمُ على قاصدِ البيتِ الحرامِ وعامِرِهِ الصيدُ، وهو على نوعَيْنِ:

الأولُ: الصيدُ المتعلِّقُ بحالٍ، وهي حالُ إحرامِه؛ فما دام مُحرِمًا يحرُمُ عيه صيدُ البَرِّ حتى يَحِلَّ، مهما كان موضعُهُ مِن الأرض، قبلَ المِيقَاتِ أو دونَهُ، فمَن أحرَمَ قبلَ الميقاتِ مِن الشامِ أو مصرَ أو بيتِ المَقْدِس، حَرُمَ عليه صيدُ البَرِّ حتَّى يَحِلَّ.

الثاني: الصيدُ المتعلِّقُ بمكان، وهو البلدُ الحرامُ؛ سواءٌ كان الصائدُ مُحرِمًا أو غيرَ مُحرِمٍ، وقد ثبَتَتِ السُّنَّةُ بذلك في أحاديثَ كثيرةٍ؛ منها قولُهُ عن مكَّةَ: (لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ) (١).

وإن كان مُحرِمًا، فالصيدُ في البلدِ الحرامِ أغلَظُ؛ لأنَّ التحريمَ وقَعَ مِن جهتَيْنِ: مِن جهةِ الحال، ومِن جهةِ المكانِ.

تغليظُ صيدِ الحَرَمِ:

وتحريمُ الصيدِ بالبلدِ الحرامِ أغلَظُ مِن تحريمِ الصيدِ على المحرِمِ في غيرِه؛ لأنَّ اللهَ حرَّمَ في البلدِ الحرامِ عَضدَ شجرِها، وتنفيرَ صيدِها، والتقاطَ لُقَطَتِها؛ وهذا تغليظٌ ليس في صيدِ المحرِم، ولا في لُقَطَتِهِ في غيرِ الحَرَم، ثم إنَّ المحرِمَ إنَّما حرَّمَ عليه الصيدُ؛ لأنَّه قاصدٌ البلدَ الحرامَ، ولو كان قاصدَا لغيرِه، لم يحرُم عليه شيءٌ؛ فدَلَّ على أنَّ أصلَ التعظيمِ متعلِّقٌ بالبلدِ الحرامِ.

وقولُه تعالى: ﴿لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾، يحرُمُ على المحرِمِ الصيدُ ولو لم يُرِدْ أَكلَهُ كمَن يَصِيدُهُ لغيرِه، ويحرُمُ أكلُ المُحرِمِ منه ولو كان


(١) أخرجه البخاري (١٣٤٩) (٢/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>