للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَجالِسَ الكِبارِ توقيرًا لهم ولها، فعندَ الكثرةِ يكثُرُ اللغَطُ، ويُفارِقُ الرجالُ النساءَ، والنساءُ الرجالَ في المجالِسِ؛ غَيْرةً وحياءً.

وتقدَّمَ في البقرةِ الإشارةُ إلى شيءٍ مِن ذلك عندَ قولِهِ تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ﴾ [البقرة: ٢٨٢] , وفي آلِ عِمرانَ في قولِه: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ﴾ [٣٦].

ويأتي مزيدُ نظرٍ في هذا الاختلاطِ عندَ قولِ اللهِ تعالى عن إبراهيمَ في هودٍ: ﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ﴾ [٧١] , وفي قصةِ موسى في القَصَصِ: ﴿وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ﴾ [٢٣] , وفي قولِهِ عن موسى في طه والقصصِ: ﴿فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾ [١٠] , ﴿قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾ [٢٩] وفي قوله: ﴿لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ﴾ [الحجرات: ١١].

أحكامُ المباهَلَةِ:

وفي قولِهِ تعالى: ﴿ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ دليلٌ على مشروعيَّةِ المُباهَلةِ عندَ قيامِ سببِها ومُوجِبِها، والمباهَلَةُ مأخوذةٌ مِن الابتهالِ، وهو الاجتهادُ في الدعاءِ، ومعناهُ دعاءُ المُخْتَلِفَيْنِ على نفسَيْهِما باللَّعْنِ والعقوبةِ على ما يُحَبُّ مِن مالٍ وولدٍ وأهلٍ إنْ كان كاذبًا في دَعْوَاهُ، وأعظمُ أنواعِها ما ذكرهُ اللهُ تعالى، ﴿نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ﴾؛ أيْ: يَجْمَعُ المُتباهِلانِ أحَبَّ ما لدَيْهما، وهو الولدُ والأهلُ، فيدْعُوانِ عليهما, ولمَّا كان الأمرُ في عيسى وبَشَرِيَّتِهِ ونسَبِهِ أصلَ ضَلالِ النصارى، كانتِ المباهَلةُ فيه متأكِّدةَ، وقد أمَرَ اللهُ نبيَّه بها إنْ لم ينقَطِعوا عن باطِلِهم إلا بذلك.

وقد اصْطَلَحَ الفقهاءُ على إطلاقِ المُباهَلةِ على المُلاعَنةِ؛ لأنَّ المباهَلة إلحاحٌ بالدعاءِ باللعنةِ على الكاذبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>