وإنْ كان اللهُ قد جعَلَ في كلِّ عملِ طاعةٍ نوعَ تكفيرٍ لنوعٍ مِن الذنوبِ؛ لأنَّ اللهَ يُكفِّرُ الذنوب بالطاعاتِ والقُرُباتِ أوْلى مِن تكفيرِهِ لها بالمصائبِ والهمومِ؛ ولذا قال تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: ١١٤].
وكلَّما كانتِ العبادةُ أظهَرَ في الخضوعِ وظهورِ التوبةِ والندمِ والتعبُّدِ لله، كان أثرُها في التكفيرِ أعظَمَ.
وأعظَمُ المُكفِّراتِ التوحيدُ بعدَ الشِّرك، فبأتي على الذُّنوبِ كلِّها، والحجُّ والهجرةُ؛ لظهورِ التعلُّقِ والخضوعِ والرجوعِ إلى اللهِ فيها؛ كما في حديثِ عمرِو بنِ العاصِ في "الصحيحِ" (أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ ! وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا؟ ! وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ ) (١).
واللهُ أعلَمُ.
* * *
قال تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (٣٢)﴾ [النساء: ٣٢].
تمايز الجنسَيْنِ بعضهما عن بعضٍ:
هذا نَهْيٌ مِن اللهِ أنْ يتمنَّى الرَّجالُ مَنازِلَ النَّساءِ وأحكامَهُنَّ، ونهيٌ للنَّساءِ أنْ يَتَمَنَّيْنَ مَنازِلَ الرجالِ وأحكامَهم؛ فاللهُ قَسَّمَ الخَلْقَ والرِّزقَ بحِكْمَتِه؛ لِيَتِمَّ نظامُ الحياة، وكلٌّ جعَلَهُ اللهُ على خِلْقَةٍ حسَنةٍ تامَّةٍ، وإنْ رأَى أنَّ غيرَهُ أحسَنُ منه مِن وجهٍ؛ فاللهُ كَمَّلَهُ مِن وجهٍ آخَرَ، ولكنَّ
(١) أخرجه مسلم (١٢١) (١/ ١١٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute