للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمولٌ على التورُّعِ أو كمالِ المنزِلة، فيكونُ للفقيرِ الوليِّ مع اليتيمِ في الأكلِ مِن مالِهِ حالتانِ:

الأُولى: حالةُ فضلٍ؛ أنْ يأكُلَ ويُعِيدَ ما أكَلَ فيجعَلَهُ على نفسِه في حُكْمِ القرضِ؛ مِن عبرِ إلزامٍ إلا مِن نفسِهِ على نفسِه.

الثانيةُ: حالةُ جوازٍ؛ أنَّ يأكُلَ مِن مالِ الفقيرِ بالمعروفِ ولا يُعِيدَه؛ وهذا جائزٌ لظاهرِ القرآن، وعمرُ قصَدَ الحالةَ الأولى؛ لأنَّه أجاز الأكلَ ولم يُبَيِّنِ القضاءَ والسدادَ، وبيانُ السدادِ أوجَبُ؛ لأنَّه حقٌّ لضعيفٍ غيرِ مكلَّفٍ، وهو اليتيمُ، والأكل حقٌّ لمكلَّفٍ قويٍّ، وهو الوليُّ والوصيُّ، والقرآنُ يُبيِّنُ حقَّ الضعفاء أكثَرَ وأشَدَّ مِن بيان حقِّ الأقوياءِ.

وقد أذِنَ اللهُ بالأكلِ مِن غيرِ ذِكرِ القضاءِ؛ كما روى أحمدُ وأصحابُ "السُّننِ"، عن عَمرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جدِّه؛ أنَّ رجلًا سألَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لَيْسَ لِي مَالٌ، وَلي يَتِيمٌ؟ فَقَالَ: (كُلْ مِن مَالِ يَتِيمِكَ، غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلَا مُبَذِّرٍ، وَلَا مُتَأَثِّلٍ مَالًا، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ تَقِيَ مَالَكَ - أَوْ قَالَ: تَفْدِيَ مَالَكَ - بِمَالِهِ) (١).

الإنفاق على اليتيمِ من مالِهِ:

ويُنْفِقُ على اليتيم مِن مالِ اليتيمِ نفسِه، ويُسكِنُهُ في مسكنِ الوليِّ، إلَّا إنْ كانت دارُهُ ضيِّقةً، أو يَخْشَى على إناثِ محارمِهِ مِن الخِلْطَةِ به؛ فيَجُوزُ إسكانُ اليتيمِ مِن مالِهِ نَفْسِه.

والأَوْلى: ألَّا يأخُذَ الوليُّ زكاةَ مالِ اليتيمِ لنفسِه؛ حتى لا يُحابيَ نفسَهُ وعيالَهُ ولو كان فقيرًا، وإنْ أخَذَها بحقِّها، جازَ.


(١) أخرجه أحمد (٧٠٢٢) (٢/ ٢١٥)، وأبو داود (٢٨٧٢) (٣/ ١١٥)، والنسائي (٣٦٦٨) (٦/ ٢٥٦)، وابن ماجه (٢٧١٨) (٢/ ٩٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>