للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زكاةُ عُروضِ التجارةِ:

وفي الآيةِ: وجوبُ الزكاةِ في جميعِ الأموالِ، ومنها عروضُ التجارةِ؛ فقد جاء الأمرُ بالعمومِ، فالإنفاقُ أوَّلُ ما يتوجَّهُ إلى الزكاةِ، كما روى حَجَّاجٌ، عنِ ابنِ جُرَيْجٍ؛ قولَهُ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ﴾، قال: "مِن الزَّكَاةِ والتطوُّعِ" (١).

وتجبُ الزكاةُ في عروضِ التجارةِ عندَ عامَّةِ العلماءِ، وهو قولُ الأئمةِ الأربعَةِ، وعملُ الخلفاءِ الراشِدِينَ؛ كعُمَرَ بنِ الخطَّابِ ، وهو قولُ ابنِ عبَّاسٍ وفقهاءِ المدينةِ السَّبْعَةِ، ويعضُدُ هذا: ما رواهُ أبو داودَ وغيرُهُ؛ مِن حديثِ سَمُرةَ مرفوعًا: (أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ) (٢).

ونقَلَ ابنُ المنذِرِ إجماعَ العلماءِ على زكاةِ عروضِ التجارةِ (٣).

خلافًا للظاهريَّةِ الذين يَجْعَلُونَ النصوصَ إنَّما هي فيما خَصَّهُ الدليلُ، ولا يأخُذونَ بإطلاقاتِ الآياتِ، وربَّما احترَزُوا مِن القولِ بالإطلاقِ؛ خوفًا مِن وجوبِ الزكاةِ في المتاعِ والدُّورِ والمَرَاكبِ وطعامِ البيتِ؛ لكونِها مِن الأرزاقِ والأموالِ، ولكنَّ هذا النوعَ مِن الأَموالِ لم يَقُلْ أحدٌ بوجوبِ الزكاةِ فيه، ولا ذكَرَ ذلك الصحابةُ ولا مَن بَعْدَهم إلا ما يتعلَّقُ بحُلِيِّ المرأةِ، ومَنْ أوجَبَ الزكاةَ فيه لا يجعلُهُ متاعًا، بل نقدًا.

والتجارةُ كسبٌ، واللهُ يقولُ: ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٦٧]، ويأتي مزيدُ كلامٍ في ذلك في سورةِ التوبةِ عندَ قولِه تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: ١٠٣].

* * *


(١) "تفسير الطبري" (٤/ ٥٢٣).
(٢) أخرجه أبو داود (١٥٦٢) (٢/ ٩٥).
(٣) ينظر: "المجموع"، للنووي (٦/ ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>