للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناسُ كلُّهم، فلو نفَرَ، ثَقُلَ هذا على أهلِ العَجْزِ، وأَحَبُّوا اللَّحَاقَ به ويَعْجِزُونَ، مع القيامِ بمَنْ حولَهُ، كما كلَّفَ النبيُّ مَن يقومُ بالغزوِ مَرَّاتٍ؛ لأنَّ المصلحةَ في بقائِهِ .

ومنها: ظنُّهُ أنَّهم قد يَخْذُلُونَهُ؛ كما في قولِهِ: ﴿هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا﴾ [البقرة: ٢٤٦]، فتَلْحَقُهم وتلحقُهُ الهزيمةُ بسببِهم، والفتنةُ بغَلَبةِ العدوِّ على النبيِّ أعظَمُ مِن الفِتْنةِ في غيرِهِ، فينتكِسُ الأتباعُ، وربَّما ارتدُّوا؛ ولذا قال قومُ موسى: ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس: ٨٥]؛ قال مجاهِدٌ: "أيْ: لا تعذِّبْنا بأيدي قومِ فِرْعَوْنَ، ولا بعذابٍ مِنْ عندِكَ، فيقولَ قومُ فرعونَ: لو كانُوا على الحقِّ، ما عُذِّبُوا، وَلا سُلِّطْنا عليهم، فيُفتَنُوا بنا" (١)؛ وبنحوِهِ قال ابنُ عباسٍ وقتادةُ (٢).

* * *

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٥٤].

هدا خطابٌ لأهلِ الإيمانِ بالنَّفَقَةِ، والنفقةُ في القرآنِ: الصدقةُ؛ كما قاله يحيى بنُ آدَمَ وغيرُه (٣).

والرِّزْقُ هو: الأموال بجميعِ أوصافِها؛ نقدَيْنِ، أو ماشيةً، أو زروعًا وثمارًا، أو تجارةً، أو متاعًا، فكلُّ شيءٍ يُستحَبُّ فيه النفقةُ ولو كان متاعًا، فنفقتُهُ عاريتُهُ، أو الصدقةُ بهِ، أو إهداؤُهُ.


(١) "تفسير الطبري" (١٢/ ٢٥٢)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٦/ ١٩٧٦).
(٢) "تفسير الطبري" (٢٢/ ٥٦٩).
(٣) "تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>