للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني؛ العهودُ التي تكونُ بين الناسِ؛ لأن أمْرَ الناسِ لا يستقيمُ في دمائِهم وأموالِهم وأعراضِهم إلَّا بإعطاءِ الحقوقِ وحِفظِها، ولا نُحفَظُ الحقوقُ إلا بالعهودِ والعقودِ والمواثيق، فيجب الوفاءُ بها مع كلِّ مَن أُبرِمَت معه، مسلِمًا كان أو كافرًا.

وهذا النوعُ كقولِهِ تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: ٩١]، وقولِهِ تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨)} [المؤمنون: ٨، والمعارج: ٣٢]، وقولِهِ تعالى في مالِ اليتيمِ: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤)} [الإسراء: ٣٤].

ويكون هذا العهدُ فيما بينَ المؤمِنينَ أفرادًا وجماعاتٍ، ويكون بين المشرِكينَ أفرادًا وجماعاتٍ، وفي المؤمِنينَ أفرادًا؛ كما في مالِ اليتيم، وفي البُيُوعِ، وفي الأماناتِ والرَّهْنِ والوعودِ والنُّصْرةِ والإعانةِ؛ فالوفاءُ بذلك واجبٌ حسَبَ القدرة، وهو مِن العباداتِ.

العقُود بين المسلِمِين والكفار:

ويكونُ بينَ المؤمِنينَ والكفارِ أفرادًا وجماعاتٍ؛ بينَ الأفرادِ؛ كمعاملاتِ المسلِمِ للكافرِ بعقودِه، كالبيع والشراءِ والأمانِ؛ كما قال تعالى في أولِ براءة؛ {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١)} [التوبة: ١]؛ فالأصلُ: وجوبُ الوفاءِ بعهدِهم؛ كما في قولِه: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: ٤].

خيارُ المَجْلِسِ:

ولا دليلَ في هذه الآيةِ: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} على نفيِ خِيَارِ المَجْلِسِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>