أحفَظُ لحقِّها ممَّا لو كان مِن وليِّ اليتيمةِ الأولِ لنفسِهِ أو لابنِهِ.
وأجازَ أن ينكِحَ وليُّ اليتيمةِ ووصيُّها اليتيمةَ منِ نفسِهِ - وهو قولٌ لمالكٍ -: أهلُ الكوفةِ والأوزاعيُّ وأحمدُ والليثُ وغيرُهم؛ لدلالةِ التضمينِ في الآيةِ؛ فاللهُ منَعَ أنْ يُزوِّجَها الوليُّ مِن نفسِه عندَ خوفِ عدمِ القسطِ في حقِّها، ومفهومُ ذلك الجوازُ عندَ الأمنِ منِ ذلك؛ فالمنعُ حينَما تَوَجَّهَ إليه: دليلٌ على أنَّه يَملِكُ ولايتَها، ولو كانَتِ الولايةُ لغيرِه حتى لنفسِه، لم يكنْ لتوجيهِ الخطابِ إليه معنًى في قولِه تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا﴾.
تزويجُ اليتيمةِ قبلَ بلوغها:
واختُلِفَ في تزويجِ اليتيمةِ حالَ يُتمِها، وقبلَ بلوغِها: فمنهم مَن أجاز تزويجَها كغيرِها مِن الصغيرات، ومَن أجاز، أخَذَ بظاهرِ الآيةِ؛ لأنَّه بالبلوغِ يرتفعُ اليُتْمُ فسمَّاها اللهُ يتيمةً: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾، وقياسًا على جوازِ إنكاحِ غيرِ اليتيمةِ؛ لأنَّ العِلَّةَ الصِّغَرُ، فجاز في غيرِها ويجوزُ فيها على اختلافٍ عندَهم في حدِّ الصغيرةِ؛ وهو مرويٌّ عن بعضِ الصحابةِ؛ كعليٍّ وابنِ مسعودٍ وابنِ عمرَ وزيدٍ وأمِّ سلمةَ، والحسنِ وعطاءٍ وطاوسٍ وأهلِ الكوفةِ.
ومنَعَ الجمهورُ مِن تزويجِ اليتيمةِ قبلَ بلوغِها حتى تُستأذَنَ بنفسِها؛ لأنَّ صِغَرَها يمنَعُ مِن استئذانِها؛ وهو قولُ مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ؛ وحمَلُوا الآيةَ في تسميةِ اليتيمةِ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ على استصحابِ وصفِها قبلَ بلوغِها ممَّا عُرِفَتْ عليه؛ فمَن وُلِدَ يتيمًا وبلَغَ يَتْبَعُهُ وصفُ اليُتمِ بعدَ بلوغِه؛ ويُؤيِّدُ هذا ما رواهُ أحمدُ؛ مِن حديثِ نافعٍ، عن ابنِ عمرَ؛ قال: "تُوُفِّيَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَتَرَكَ ابْنَةً لَهُ مِن خُوَيْلَةَ بِنْتِ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بنِ الْأَوْقَصِ، قَالَ: وَأَوْصَى إِلَى أَخِيهِ قُدَامَةَ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute