كما قدَرَ الكفارُ عليها، وأمَّا العَدَدُ، فهو الذي لا يَملِكُونَه لو تعذَّرَ فيهم.
ولو قِيلَ بعدمِ اعتبارِ العُدَّة، لَجَازَ للمُسلِمينَ وهم مُسلَّحونَ أنْ يَفِرُّوا إذا كان عدوُّهم أكثَرَ مِن ضِعفَيْهِمْ وهم عُزْلٌ، ولوجَبَ أنْ يَثبُتُوا وهم عُزْلٌ أمامَ عدوَّهم المُسلَّحِ إذا كان مساويًا لهم أو ضِعْفَهُمْ في العَدَدِ.
وإذا ملَكَ المُسلِمونَ جنسَ سلاحِ المشرِكينَ، وجَبَ عليهم الثَّباتُ ولو لم يَتساوَوْا في أثرِه وقوَّتِه، ما كان عددُ المشرِكِينَ لا يَزيدُ على مِثلَيْهم.
وتقديرُ السلاحِ يُرجَعُ فيه إلى أهلِ العلمِ به مِن أهلِ الجهادِ والدَّرايةِ فيه، واللهُ أعلَمُ.
نزَلَتْ هذه الآيةُ في بَدْرٍ، والأُسَارَى أُسَارَى بَدْرٍ، والمرادُ بذلك: أنَّ الطمعَ في الأَسْرَى، والمَيْلَ إلى مِلْكِهم: لا يكونُ إلَّا بعدَ إثخانٍ في الأرض، وهو الظُّهُورُ؛ كما قالهُ ابنُ عبَّاسٍ (١)؛ فإنَّ الأُمَّةَ لو مالتْ في زمنِ قِلَّتِها وضَعْفِها إلى الإكثارِ مِن الأَسْرِ والسَّبْي، رَكِنَت إلى دُنْياها، وغفَلَتْ عن عدوِّها؛ لأنَّ في الأُسَارَى طمعًا في مِلْكَهم ونفعِهم وبيعِهم.
الغايةُ الجهادِ والأَسْرِ:
ولم يكنِ الأَسْرُ مَقْصَدًا في ذاتِهِ في الإسلامِ؛ وإنَّما جاء تَبَعًا