الثانيةُ: قصورُ العقولِ عن استيعابِها، فإنْ كانتِ العِلَلُ كثيرةً متجدِّدةٌ في الأزمنةِ؛ تَغِيبُ في موضعٍ وزمانٍ وتَقوَى في غيرِه، أو دقيقةً ولدِقَّتِها لا تستوعبها العقولُ؛ فاللهُ يكتمُها رحمةً بالناسِ؛ حتى لا يَرُدُّوها بضعفِ عقلِهم عن استيعابِها.
تكرَّرَ النِّداء للمؤمِنينَ مع قُرْب العهدِ بنداءٍ مِثْلِه، وإذا تكرَّرَ النداءُ المتقارِبُ، دَلَّ على عِظمِ المُنادَى لأَجلِه.
وقد بيَّنَ اللهُ عِظَمَ شعائرِ اللهِ؛ فلا تُحِلُّوها وتَعْتَدُوا عليها، وقال ابنُ عبَّاسٍ:"شعائر اللهِ مناسكُ الحجِّ"، وبنحوه قال مجاهد وغيرُه (١)، والمرادُ بتحليلِها في قوله: ﴿لَا تُحِلُّوا﴾؛ يعني: لا تُغَيِّرُوا حُكْمَها وتُبدِّلُوه إمَّا بتشريعٍ وتبديلٍ قوليٍّ، أو تشريعٍ وتبديلٍ فِعليٍّ، فتتواطؤوا على التغييرِ والتبديلِ حتى يكونَ تشريعًا للناسِ ولو لم تَتلفَّظُوا به.
تعظيمُ الأشهُرِ الحُرُمِ:
وقوله: ﴿وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾؛ يعني: تعظيمَ الأشهرِ الحُرُم، وهي