للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَذَّكَّرُونَ} مشروعيَّةُ ترجيحِ العقوبةِ الأشَدِّ عندَ التردّدِ بينَ عقوبتَيْنِ يَستحِقُّهما جانٍ أو عدوُّ، لأجلِ تشريدِ الأبعَدِينَ وتأديبِهم.

قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: ٦٠].

أمَرَ اللهُ بإعدادِ العُدَّةِ لإرهابِ الكافِرِينَ وكسرِ نفوسِهم وعزائمِهم، والإعدادُ مِن العَدِّ؛ كالإسقاءِ مِن السَّقيِ.

إرهابُ العدوِّ وحُكْمُه:

وفي ظاهرِ الآيةِ: أنَّ أوَّلَ الغاياتِ مِن إعدادِ المُسلِمينَ للسلاحِ وإظهارِ القوةِ هو إرهابُ الكافِرِينَ قبلَ قتالِهم؛ لأنَّه يكونُ بإظهارِ القوةِ إخزاؤُهم وتخويفُهم وكسرُ عزيمتِهم، فلا يُقْدِمُونَ على قتالِ المُسلِمينَ وسفكِ دمائِهم وأخذِ أموالِهم؛ فأوَّلُ منافعِ الأعدادِ: الشَّرُّ المدفوعُ الذي لا يَعلَمُ حَدَّهُ ولا قَدْرَهُ إلا اللهُ، ثم الخيرُ المكتسبُ، والأوَّلُ لا يراهُ الناسُ لقِصَرِ نَظَرِهم، واللهُ يَعلَمُ مِن الشرور المدفوعةِ التي لا يُحِسُّ بها أو بأكثرِها الناسُ، ما لو نزَلَتْ، لكانَ في ذلك فسادٌ عريضٌ ومِحَنٌ شديدةٌ، وكثيرًا ما يمتثلُ الناسُ أمرَ الله، ولا يَرَوْنَ الشرِّ المدفوعَ ولا الخيرَ المكتسَبَ، فيَحْمِلُهُمْ ضَعْفُ إيمانِهم على تركِ أمرِ الله، فيُفتَحُ عليهم مِن الشرِّ المدفوعِ بإقامةِ شرعِ اللهِ ما لا طاقةَ لهم به.

وقولُه تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} دليلٌ على وجوبِ استفراغِ الوُسْعِ بإعدادِ العُدَّةِ والتسلُّحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>