للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥] , والمرادُ له معناهُ الخاص الذي هو الحجارة التي وضعَ إبراهيم قدَمَيهِ عليها، وذكَرَه هنا في آلِ عِمرانَ، والمرادُ به ها معناهُ العام, لأنَّ اللهَ جعَلَ البينة في البيت، ولم يجعلِ المقامَ هو البينةَ وحدَه، بل جعلَه منها؛ ولذا عطَفَ عليه أحكاما أخَرَ، قال: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾، والأمانُ والحرمة هي للبيتِ وخارجِه في حدودِه المعروفة، وليست لمقام إبراهيم ومَوضعِ قدمهِ خاصةً.

روى ابنُ المُنذرِ وابنُ جريرٍ وابنُ أبي حاتم، عن عَطَاء بنِ أبي رَبَاحٍ, عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: "مَقَام إبرَاهِيمَ بَعدُ كَثيرٌ؛ مقَامه: الحَجُّ كُلهُ" (١).

وجاء عن بعضِ السلفِ: أن الآيةَ البيِّنةَ أثرُ القدمَيْن، والمقامَ المشاعرُ كلها، أي: ما وضَعَ فيه إبراهيم قدمَيهِ تعبُّدًا للهِ في البيتِ؛ مِن طوافٍ وصلاةٍ، وسعيٍ بينَ الصَّفا والمروة، ووقوف بعرفةَ، ومبيتٍ بمزدلفةَ ومِنًى، ورميِ الَجمار، وذكرِ الله، وغيرِ ذلك.

ورُوِيَ هذا عن ابنِ عباس وعطاءٍ ومجاهدٍ؛ لقد روى ابنُ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ؛ قال: "أثرُ قدميه في المقامِ آيةٌ بيِّنةٌ، ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ قَالَ: هَدَا شَيء آخَرُ" (٢).

تحريم الصيدِ وعَضْدِ الشجرِ بمَكَّة:

وقد جعَلَ اللهُ مكةَ حَرَمًا آمِنًا لا يصادُ صَيْدُها, ولا يعضَد شَوكها، والصيدُ والشجرُ في الحَرَمِ على نوعَينِ:


(١) "تفسير الطبري" (٢/ ٥٢٥)، و"تفسير ابن المنذر" (١/ ٣٠٢)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٧١١).
(٢) "تفسير الطبري" (٥/ ٦٠٠) , و"تفسير ابن المنذر" (١/ ٣٠٢)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٧١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>