للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمرادُ بقولِه تعالى ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ﴾: مَن لم يَجِدِ الرَّقَبةَ، لا مَن لم يجدِ الدِّيَةَ والرَّقَبةَ؛ لأنَّ الديةَ حقٌّ للمخلوق، لا يُعوَّضُ عنها بالصِّيَام، بخلافِ عتقِ الرَّقَبةِ؛ فهي حقٌّ لله، فيُعوَّضُ عنها - عندَ عدمِ القدرةِ - بشيءٍ مِن حقِّ اللهِ آخَرَ، وهو هنا الصَّوْمُ.

وهو الصحيحُ الذي عليه عامةُ العلماءِ.

وقيل: هي فيمَن لم يَجِدِ الديةَ والرقبةَ، وهو قولُ مسروقٍ؛ رواهُ عنه الشعبيُّ بسندٍ صحيحٍ؛ أخرَجَهُ ابنُ جريرٍ وابنُ أبي حاتمٍ (١).

ولا قائلَ به مِنَ السَّلَفِ.

الصيامُ في كفَّارةِ القتلِ:

وقولُه تعالى: ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ لا يَجوزُ قَطعُهما إلا بعُذْرٍ يجوزُ معه قطعُ فريضةِ الصِّيامِ كرمَضَانَ، وذلكَ كعُذرِ المَرَضِ والسَّفَرِ وحيضِ المرأةِ ونِفاسِها، فإنْ جازَ في صومِ رمضانَ، فمي صيامِ الكفَّارةِ مِن بابِ أَوْلى.

ولا يَختلِفُ العلماءُ في أنَّ صيامَ رمضانَ أعظَمُ أنواعِ الصيامِ كلِّه وآكَدُه.

ومَن أفطَرَ في صيامِ الشهرَيْنِ بلا عذرٍ، فقد اختَلَفَ العلماءُ في فَسادِ ما سبَقَ مِن صومِه ووجوبِ إعادتِه، مع الاتِّفاقِ على إثمِه ووجوبِ توبتِه - على قولينِ في غيرِ الحيضِ والنِّفاسِ؛ فقد اتَّفَقُوا على عدمِ قطعِهما للتَّتابُعِ:

الأوَّلُ: قالوا: يَفسُدُ ما مَضَى من صومِه، ويجبُ عليه أنْ يُعيدَ وَيَستأنِفَ صومَهُ مِن أوَّلهِ ولو كان فِطْرُهُ مِن غيرِ عذرٍ في آخِرِه، لأنَّ


(١) "تفسير الطبري" (٥/ ٣٣٧)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ١٠٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>