للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صح عن ابنِ عمرَ أنه يخَللُ أحيانًا، ويتركُ أحيانا (١).

وقد نصَّ بعضُ السلفِ على عدمِ وجوبِ التخليل كما صح عن الحسنِ (٢) والأوزاعي (٣) والثوري؛ أنَّهم قالوا: "ليس عَرك العارِضَينِ في الوضوءِ بواجب".

ولا أعلَمُ مَن أوجبه مِن أهلِ القرونِ المُفضَّلةِ إلا ما ذكَرَه ابن المُنذِرِ عن إسحاقَ.

وكل ما لم يَرِد في الآيةِ مخصوصا، ولم يَثبُت دوامُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه، فالأظهَر: عدمُ وجوبِه؛ ولذا لم يقُل أحد مِن السلفِ بإعادةِ وضوءِ تاركِ تخليلِ اللحية، ولا أمَرُوا بذلك، والله أعلَمُ.

المضمضة والاستنشاق في الوُضوءِ:

وذِكرُ غَسلِ الوجه، وعدمُ تخصيصِ المضمضةِ والاستنشاقِ بالذِّكْرِ: قرينة على عدمِ وجوبِ شيءِ في الوجهِ غَيْرِ الوجهِ بذاتِه، ولا خلافَ عندَ العلماءِ في مشروعيةِ المضمضةِ والاستنشاق، وقد اختَلَفَ العلماءُ في وجوبِهما:

فذهَبَ إلى وجوبِهما في الوضوءِ والغُسْلِ: أحمدُ في روايةٍ.

وذهب إلى استحبابِهما فيهما: مالك والشافعي.

وذهَبَ أبو حنيفةَ إلى أن وجوبَهما في الغُسلِ فقط.

وفي روايةٍ لأحمدَ: وجوب الاستنشاقِ وحدَهُ فيهما، ونقَلَ الأثرم، وابن منصور، عن أحمد: أن الاستنشاقَ أوكَد مِن المضمضةِ (٤).


(١) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٥٥٦) (١/ ٢٧٧)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٥٥).
(٢) "تفسير الطبري" (٨/ ١٦٧).
(٣) "تفسير الطبري" (٨/ ١٦٨).
(٤) "مسائل ابن منصور" (١/ ٧١)، و"طبقات الحنابلة" (١/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>