للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُهُ تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ اختُلِفَ في المرادِ بالصَّدَقةِ المأخوذةِ: هل هي التطوُّعُ أو الزكاةُ المفروضةُ؟ على قولَيْنِ للسَّلَف، والأظهَرُ: أنه في صدَقةِ التطوُّعِ؛ لأنَّ الآيةَ نزَلَتْ فيمَن تخلَّفَ عن غَزْوةِ تَبُوكَ، فجاؤُوا مُعتذِرينَ عن تخَلُّفِهم، وطرَحُوا مالَهُمْ بينَ يَدَيِ النبيِّ لأخذِه؛ رجاءَ أن يَغفِرَ اللهُ لهم ويَعْفُوَ عنهم.

ولا خلافَ أنه يدخُلُ في الأموالِ التي يَجِبُ أخذُ زكاتِها: الحَرْثُ، والماشيةُ، والنَّقْدَانِ.

زكاةُ عُرُوضِ التِّجارةِ:

وأمَّا العُرُوضُ المملوكةُ، فعلى نوعَيْنِ:

النوعُ الأولُ: عروضٌ مملوكةٌ غيرُ معروضةٍ للتجارةِ؛ كالبَيْتِ المسكون، والبُسْتانِ المنتَفَعِ مه، والدابَّةِ المركوبةِ مِن فرَسٍ أو جمَلٍ، أو سيَّارةٍ أو طائرةٍ، ومِثْلُ ذلك أناثُ البيوتِ ولو غَلَا ثَمَنُه، والمقتنَياتُ مِن أوَانٍ ومَلابِسَ وفُرُشٍ مُستعمَلةٍ؛ فتلك لا زَكَاةَ فيها، ولم يَكُنِ النبيُّ ولا أصحابُهُ ولا التابعونَ يَسأَلونَ عن قِنْيَةِ الناسِ وما يَنتَفِعونَ به، ولم يثبُتْ عن أحدٍ منهم؛ أنه أخرَجَ زَكَاتَها ولا أُخِذَت منه؛ وذلك أنه قد ثبَتَ عن النبيِّ أنه قال: (لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ)؛ رواهُ الشيخانِ (١).

وبهذا كان يَعمَل الصحابةُ، وقد صحَّ عن ابنِ عُمَرَ؛ قال: "ليس في العَرْضِ زكاةٌ إلَّا أنْ يُرادَ به التجارةُ"؛ رواهُ عنه نافعٌ؛ أخرَجَهُ الشافعيُّ في "الأمِّ" (٢).


(١) أخرجه البخاري (١٤٦٣)، ومسلم (٩٨٢).
(٢) "الأم" (٢/ ٤٩)، و"معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٣/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>