للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سُئِلَ عطاءٌ عن الرَّجُلِ يَشتَري المتاعَ فيمكُثُ السِّنِينَ: يُزَكِّيهِ؟ قال: لا (١).

وعليه نصَّ طاوُسٌ وسُفيانُ وجماعةٌ.

وأمَّا ما رُوِيَ عن ابنِ سِيرِينَ؛ قال: "في المتاعِ يُقَوَّمُ ثَمَّ تُؤدَّى زكاتُه" (٢).

فقد رواهُ أبو هِلالٍ محمَّدُ بن سُلَيْمٍ، عن ابنِ سيرينَ؛ وهو ليس بالقويِّ؛ كما قال النَّسَائيُّ (٣)، وإنْ صَحَّ فمرادُهُ المتاعُ الذي يُشتَرى لِيُباعَ، لا لِيُنتفَعَ منه بنَفْسِه، والسَّلَفُ يُعبِّرونَ عَن العروضِ المُشتَراةِ التي تُوضَعُ في الدُّورِ لزَمَنٍ بالمتاعِ؛ لأنَّها ليسَتْ معروضةً للناس، فالعروضُ: إمَّا للتِّجَارة، أو للمَتَاع، فما كان غالِبًا في البيوت، فهو للمَتَاعِ ولو كان قد قصَدَ صاحبُهُ بيعَهُ بعدَ زمَنٍ، فيَحبِسُهُ يَنتظِرُ به الغَلَاءَ، وهذه المسألةُ ممَّا اختَلَفَ فيه السَّلَفُ على قولَيْنِ:

ذهَبَ قومٌ: إلى أنَّ المتاعَ الذي يَشتريهِ صاحبُهُ ويَدَّخِرُهُ يَنتظِرُ به الغَلَاءَ: أنه يُزكِّيهِ؛ وهذا ظاهرُ قولِ ابنِ سِيرِينَ السابق، وبه قال النَّخَعيُّ والثَّوْريُّ.

وذهَبَ قومٌ: إلى أنه لا يُزَكِّيهِ؛ وهو قولُ طَاوُسٍ، ونُسِبَ إلى الشَّعْبيِّ وعطاءٍ وعَمْرِو بنِ دينارٍ، وفي النِّسْبةِ نظرٌ، وبه قال المالكيَّةُ، فيَرَوْنَ أنه يُزكَّى عندَ بيعِهِ مَرَّةً؛ خِلافًا لجمهورِ الفقهاءِ الذبن يَرَوْنَ أنَّ مُحتَكِرَ السِّلْعةِ للتجارةِ كالمُدِيرِ لها؛ يُزكِّيها كلَّ عامٍ؛ لأنَّه يتربَّصُ رِبْحًا، ويَملِكُ القُدْرةَ على بيعِها متى شاء، ولكنَّه يُريدُ بيعَها بثَمَنٍ أعلى وأغلى،


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١٠٤٦١).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١٠٤٦٠).
(٣) "الضعفاء والمتروكين" للنسائي (ص ٢٣١) (ترجمة ٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>