للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقِّه؛ فلا يجوزُ للزوجِ أنْ يأخُذَ مِن مالِها شيئًا، ولا أنْ يَعْضُلَها لِتَفتدِيَ نفسَها بمالِها دفعًا لعَضْلِهِ وضررِهِ لها؛ وهذا لا خلافَ فيه إلا في قولٍ غيرِ معتبَرٍ.

الجهة الثالثةُ: نشوزُ الزوجَينِ بعضِهما عن بعضٍ، فلا يَرْغَبانِ في البقاءِ بعضِهما مع بعضٍ؛ لانصرافِ النفسِ عن المودَّةِ والأُلْفة، مع حِرْصِهما على الإصلاحِ وبَذْلِ الحقوقِ، فيجوزُ للزوجِ مخالَعَةُ امرأتِهِ بمالٍ مِن غيرِ عَضْلِها لِتَفتدِيَ نفسَها؛ لأنَّ العضلَ إضرارٌ بالزوجة، وأمَّا المالُ فيجوزُ أَخْذُهُ؛ لأنَّ الزوجةَ نَشَزَتْ عنه، فربَّما لو كانتْ راضيةً به تُرِيدُ البقاءَ معه، لَخَفَّ نُشُوزُهُ ونُفُورُهُ منها، وقد أباحَ اللهُ للزوجَينِ الخُلْعَ عندَ الخوفِ مِن عدم إقامةِ حدودِ اللهِ لتنافُرِ نفسَيْهما عن الأُلْفةِ والمودَّةِ: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩].

أخذُ الزوجِ من مهرِ زوجتِهِ:

والأصلُ: أنَّه لا يَحِلُّ للزوج أنْ يأخذَ مِن مهرِ زوجتِهِ شيئًا إلا بطِيبِ نَفْسِها ولو لم يُرِدْ طلاقَها؛ لأنَّه حقٌّ لها، وربَّما ظَنَّتْ أنَّ بقاءَ زوجِها معها وحُبَّهُ لها مرهونٌ بإعطائِه مِن مالِها ومهرِها، فتُعطِيهِ بنفسٍ غيرِ طيِّبةٍ؛ لِيُبقِيَها في عِصْمَتِه، فحَرَّمَ اللهُ ذلك؛ على ما تقدَّمَ في أولِ السورةِ: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ﴾ [النساء: ٤].

حكمُ الخُلْعِ بقصدِ أخْذِ المالِ:

وفي آيةِ البابِ: نهيٌ عن مخالَعَةِ المرأةِ على وجهِ الإضرارِ بها وأَخْذِ مالِها، ولا خلافَ عندَ العلماءِ: أنَّ مَن خالَعَ امرأتَهُ؛ لِيُضِرَّ بها، ويأخُذَ مالَها: أنَّه عاصٍ وآخِذٌ للمالِ بغيرِ حقِّه، ولا يَحِلُّ له؛ بل تجبُ إعادتُه لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>