للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنَتَّبِعُكَ، ففال أبو سلمةَ: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ في سَفَرٍ، فَلْيَؤُمَّهُمْ أقْرَؤُهُمْ، فَإِنْ كَانَ أَصْغَرَهُمْ سِنًّا، فَإِذَا أمَّهُمْ فَهُوَ أَمِيرُهُمْ)؛ قال أبو سَلَمةَ: فذاكُم أميرٌ أمَّرَهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (١).

وأمَّا النصُّ العامُّ: فكقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: (الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ) (٢).

فإذا اسْتَوَى إمامانِ في أحقيَّةِ الخلافةِ، فالقرشيُّ يقدَّمُ على غيرِ القرشيِّ بالنصِّ.

وإنَّما عُرِفَتْ إمامةُ أبي بكرٍ بالاستفاضةِ المعنويَّةِ، وقد تجتمعُ القرائنُ وتستفيضُ؛ فتكونُ كالنصِّ الواحدِ الصريحِ، وإنَّما لم يذكُرِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - اسمَ الخلافةِ صريحةً بعدَهُ لأبي بكرٍ؛ لمنزلةِ الشُّورَى وتطييبِ نفوسِ الأمَّةِ باختيارِ واليها؛ ففي "المسندِ"، و"جامعِ الترمذيِّ"، عن عليٍّ؛ قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (لَوْ كُنْتُ مُؤَمِّرًا أَحَدًا مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ، لأَمَّرْتُ ابنَ أُمِّ عَبْدٍ)؛ رواهُ أبو إسحاقَ، عن الحارثِ وعاصمِ بنِ ضَمْرةَ؛ كلاهُما عن عليٍّ، به (٣)، والمرادُ بابنِ أمِّ عبدٍ: عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ - رضي الله عنه -.

[وجوب الشورى في الولاية العامة]

وأصلُ الوِلايةِ الشرعيَّةِ، والخِلافةِ النبويَّةِ: أنْ تكونَ بالشُّورى، ويُقابِلُها المُلْكُ والتغلُّبُ والغَصْبُ، وكلُّ ما كان في الخلفاءِ الراشدينَ فهو شُورَى.

وأمَّا استخلافُ أبي بكرٍ لعمرَ، فقد كان استئناسًا بنصوصِ الوحيِ الدالَّةِ على فضلِهِ ومنزلتِهِ بعدَهُ، وتقديمًا له ليختارُوهُ، لا أنَّه ألزَمَهم به،


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنَّفه" (٣٨١٢) (٢/ ٣٩٠).
(٢) أخرجه أحمد (١٢٣٠٧) (٣/ ١٢٩)، والبخاري (٣٥٠٠) (٤/ ١٧٩)، ومسلم (١٨٢١) (٣/ ١٤٥٢).
(٣) أخرجه أحمد (٥٦٦) (١/ ٧٦)، والترمذي (٣٨٠٩) (٥/ ٦٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>