للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضلِ الإنظارِ لا في إيجابِهِ؛ ومِن ذلك: ما صحَّ في "المسنَدِ"؛ مِن حديثِ سُلَيْمانَ بنِ بُرَيْدةَ، عن أبيهِ؛ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ يقولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَهُ صدَقَةٌ)، قال: ثمَّ سمعتُهُ يقولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، فَلَهُ بكُلِّ يَوْم مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ)، قلتُ: سمعتُك يا رسولَ اللهِ تقولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَهُ صَدَقَةٌ)، ثمَّ سمعتُك تقولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ)؟ قال: (لَهُ بِكُلِّ يَوْم صَدَقَةٌ قَبْلَ أنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإذَا حَلَّ الدَّيْنُ، فَأَنْظَرَهُ، فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ) (١).

وهذا الفضلُ يكونُ في المستحَبَّاتِ، لا فيما حَقُّهُ الإثمُ في حالِ مخالفتِهِ.

ويَحِلُّ السؤالُ والصدقةُ على المُعْسِرِ، لِمَا في "الصحيحِ"، عن أبي سعيدِ الخُدْريِّ؛ قال: أُصِيبَ رجلٌ في عهدِ رسولِ اللهِ في ثِمَارِ ابتاعَهَا، فكَثُرَ دَينُهُ، فقال رسولُ اللهِ : (تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ)، فتصدَّقَ الناسُ عليه، فلم يبلُغْ ذلك وفاءَ دَينِهِ، فقال رسول اللهِ لغُرَمَائِهِ: (خذُوا مَا وَجَدتُّمْ، وَلَيْسَ لَكمْ إلا ذلك) (٢).

وفي الآيةِ والأحاديثِ: دليلٌ على عدمِ حقِّ صاحبِ الدَّيْنِ بإلزامِ المَدِينِ المُعْسِرِ بأنْ يُؤاجِرَ نفسَهُ عندَ صاحبِ الحقِّ حتَّى يَقضِيَ دَيْنَهُ؛ خلافًا للزُّهريِّ والليثِ وقولٍ لأحمدَ.

بيعُ مالِ المعسِرِ:

وللحاكمِ أن يَبِيعَ مالَ المُعْسِرِ الزائدَ عن حاجتِهِ وأهْلِه؛ فلا يُخرَجُ مِن دارِهِ، ولا يُنزَعُ لباسُهُ، ولا يُؤخَذُ طَعَامُهُ وأولادُه، وأمَّا في الأمانات التي وضِعَتْ عَيْنًا عندَه، يأخُذُها الحاكِمُ منه بعَيْنِها ولو تضرَّرَ مِن ذلك،


(١) أخرجه أحمد (٢٣٠٤٦) (٥/ ٣٦٠).
(٢) أخرجه مسلم (١٥٥٦) (٣/ ١١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>