للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فربَّما كان للواحدِ مِن رجالِها عشرُ نسوةٍ؛ كعُرْوةَ بنِ مسعودٍ، ومسعودِ بنِ مُعَتِّبٍ، وأبي عقيلٍ مسعودِ بنِ عامرٍ، وسفيانَ بنِ عبدِ الله، وغَيْلَانَ بنِ سلمةَ، فلمَّا أسلَمَ أبو عقيلٍ وسفيانُ وغيلانُ، نزَلَ كلٌّ منهم عن ستِّ زوجاتٍ، وأمسَكَ أربعًا (١).

نكاحُ أهلِ الجاهليةِ:

وأصلُ النِّكاحِ عندَ العربِ في الجاهليَّةِ شبيهٌ به في الإسلامِ؛ في المهرِ والوليِّ والإشهارِ، لكنَّهم لا يَحُدُّنَ العَدَدَ، وعندَهم أنواعٌ مِن النِّكاحِ قليلةٌ لا يفعلُها كثيرٌ منهم؛ كنكاحِ الاسْتِبْضَاعِ: أنْ يُفارِقَ الرجلُ زوجتَهُ حتى تَسْتَبْرِئَ يحيضةٍ، ثمَّ تَسْتَبْضِعَ مِن غيرِه، فإنْ حمَلَتْ وبانَ حملُها، رجَعَتْ لزوجِها ويُنسَبُ الولدُ لأبيه، وكأنَّها تُؤجِّرُهُ رَحِمَها، وهو زِنًى وسِفاحٌ، وما كان يفعلُه أكثرُ العربِ ولكنَّه فيهم، وكان موجودًا عندَ قدماءِ اليونان، وقد حكاهُ أفلاطونُ في "جمهوريَّتِه"، ومنه نكاحُ الرَّهْطِ الذي وَرِثَهُ بعضُ عربِ اليمنِ مِن الفُرْس، وهو أنْ يطَأَ رجالٌ دونَ العَشَرةِ امرأةً في يومٍ، ثمَّ تختارَ منهم أبًا لولدِها إنْ حمَلَتْ منهم.

وقد أخرَجَ البخاريُّ وأبو داودَ، عن عائشةَ ؛ قالتْ: "إنَّ النِّكَاحَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنهَا نِكَاحُ النَّاسِ اليَوْمَ: يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحُ آخَرُ: كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ, فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا, أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ؛ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الوَلَدِ؛ فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاِسْتِبْضَاعِ, وَنِكَاحٌ آخَرُ: يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ العَشَرَةِ, فَيَدْخُلُونَ عَلَى


(١) ينظر: "المحبر" لمحمد بن حبيب (ص ٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>