للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الحِلِّ والطِّيبِ؛ كما في الآيةِ هنا: ﴿حَلَالًا طَيِّبًا﴾، والتخييرُ بين الأكلِ وتركِه، والأمرُ بعدَ الحظرِ، ونفيُ الجُنَاحِ والحَرَجِ والإثمِ والإنكارُ على مَن حَرَّمَ الشيءَ، والإخبارُ أنَّه مِن نِعَمِ اللهِ على الأممِ السابقةِ، وإظهارُ الامتنانِ بخَلْقِه وجعْلِه للناسِ، ويأتي كذلك بالإقرارِ على فعلِه في زمنِ النبيِّ ؛ كأكلِ الضَّبِّ.

ويُفهَمُ عمومُ التحريمِ بعكسِ ذلك، إلا ما استثناهُ اللهُ بقَيْدٍ، وهذا يكونُ ممَّا فصَّلَ اللهُ تحريمَهُ.

حكمُ المسكوتِ عنه في الشريعة:

وظاهرُ نصوصِ الشريعةِ: أنَّ ما سُكِتَ عنه فهو حلالٌ؛ لأنَّه عفوٌ، ولو لم يَرِدْ دليلٌ بإطلاقِ حِلِّه، وذهَبَ أبو حنيفةَ: إلى أنَّ الأصلَ فيما سُكِتَ عنه: التحريمُ؛ حتى يأتيَ دليلٌ على العمومِ أو على الخصوصِ (١).

وهذا مِن الخلافِ الذي ثمرتُهُ قليلةٌ؛ وذلك لأنَّه ما مِن شيءٍ مِن الأصولِ إلا جاء فيه نصٌّ خاصٌّ بحِلِّهِ أو حرمتِهِ، أو نصٌّ عامٌّ يبيِّنُ حِلَّهُ، أو يبيِّنُ تحريمَهُ؛ وإنَّما الخلافُ يقَعُ في دخولِ الشيءِ في أيِّ العمومينِ؛ كبعضِ صيدِ الحيوانِ للمُحرِمِ، وكذا المَيْتةُ: هل تَتْبَعُ البحرَ حِلًّا، أو البَرَّ حُرْمةً؟

ونصَّ أحمدُ: على أنَّ الأصلَ فيما سُكِتَ عنه في الشريعةِ: الحِلُّ.

والقولانِ وجهانِ في مذهبِ الشافعيِّ، والأصحُّ عنه الحِلُّ.

والحقُّ: أنَّ ما سُكِتَ عنه في الشريعةِ، فإنَّه حلالٌ؛ لعمومِ قولِهِ تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩].

ولِمَا روى التِّرمِذيُّ وابنُ ماجهْ؛ مِن حديثِ سَلْمانَ؛ قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ عن السَّمْنِ والجُبْنِ والفِرَاءِ؟ فقال: (الحَلَالُ مَا أحَلَّ اللهُ فِي


(١) "الأشباه والنظائر" للسيوطي (١/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>