للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابِهِ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ في كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ) (١).

وقد وبَّخ اللهُ وقرَّع مَن يجعلُ الأصلَ التحريمَ؛ بقولِهِ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢].

وفي "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ سعدٍ؛ قال : (إِنَّ أَعْظَمَ المُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ) (٢).

* * *

قال اللهُ تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٧٣].

"إنَّما": أداةُ حصرٍ عندَ أكثرِ العلماءِ، وهو قَصْرُ الحُكْمِ على الشيءِ، أو قصرُ الشيءِ على الحُكْمِ، والمعنى: أنَّ اللهَ قَصَرَ المحرَّماتِ على المؤمِنِينَ في هذه المذكوراتِ عندَ نزولِ النصِّ، ثمَّ بيَّن غيرَها في مواضعَ أُخرى، أو لأنَّ المذكورةَ قريبةُ التناوُلِ منهم، فأَضْمَرَتْ نفوسُهُمُ الحاجةَ إلى بيانِ ما يَدْنُو منهم، فجاءَ النصُّ ببيانِها؛ فما كان مستقِرًّا في الذهنِ لدَيْهِم تحريمُهُ ممَّا كان خارجًا عن هذه الأربعةِ، لم يذكُرْهُ.

و"إنَّما": أداةٌ تَنفِي وتُثبِتُ؛ فهي تَنفي أنْ يكونَ هناك في ذلك الوقتِ محرَّمٌ غيرُها، وتُثبِتُ هذه المحرَّماتِ.

وهذه الآيةُ جاءتْ بعدَ قولِه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا﴾ [البقرة: ١٦٨] أو ما بعدَهَا، ثمَّ قولِهِ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا


(١) أخرجه الترمذي (١٧٢٦) (٤/ ٢٢٠)، وابن ماجه (٣٣٦٧) (٢/ ١١١٧).
(٢) أخرجه البخاري (٧٢٨٩) (٩/ ٩٥)، ومسلم (٢٣٥٨) (٤/ ١٨٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>