للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكثيرٌ ممَّن ينقُلُ أقوالَهُمُ السابقةَ في إبداءِ الزينةِ الظاهرةِ يُهمِلُ أقوالَهُمُ المُحْكمةَ في سورةِ الأحزابِ، التي نزَلَتْ بعدَ ذلك.

وسواءٌ قيل: إنَّ الحِجابَ نزَل متدرِّجًا أم نزَلَ مرةً واحدةً وتنوَّعتْ نصوصُ القرآنِ في الخِطَابِ، فالغايةُ واحدةٌ، وهو ما ظهَرَ في جميعِ الآياتِ وتجلَّى صريحًا في سورةِ الأحزابِ.

ومَن لم يَعرِفْ أزمِنةَ نزولِ آياتِ الحجابِ، ولم يَجمَعْ أقوالَ الصحابةِ في آياتِ الحجابِ والسَّترِ بعضَها إلى بعضٍ، ولم يَنظُرْ في مذاهبِهم فيما تعلَّقَ بباب لِباسِ المرأةِ وسترِها وحجابِها - أشكَلَ عليه ذلك، وضرَبَ بعضَها ببعضٍ على ما تقدَّمَ بيانُه؛ فآياتُ الححابِ في سورةِ النورِ والأحزابِ لم تَنزِلْ دَفْعةً واحدةً، وأقوالُ الصحابةِ في التفسيرِ تتنوَّعُ حسَبَ الحالاتِ والمواضعِ، ولا تتعارَضُ، ومِن بابِ أَولى أقوالُ الصحابيِّ في المسألةِ الواحدةِ؛ كما تقدَّم؛ وقد بَسَطنا أحكامَ لباسِ المرأةِ وحِجابِها في كتابِ "الحجاب في الشَّرْعِ والفِطرة؛ بين الدليل، والقولِ الدَّخِيل".

* * *

* قال تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: ٣٢].

أمَرَ اللَّهُ الأولياءَ بتزويجِ الأَيَامَى؛ يعني: مَنْ لا زوجَ له مِن النِّساءِ والرِّجالِ، الأحرارِ والعبيدِ.

حُكْمُ تزويجِ الأَيَامَى:

والأمرُ في الآيةِ ظاهرُهُ الوجوبُ؛ أنَّه يجبُ على الوليِّ تزويجُ بنتِهِ إنْ جاءها مَن يَرضى دِيَنهُ وخُلُقَه، وإنْ منَعَها مِن ذلك بلا موجِبٍ شرعيٍّ، فمنعُهُ عَضْلٌ محرَّمٌ، وفتنةٌ له ولها ولِمَنْ خطَبَها مِن الصالِحِينَ ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>