يُزوِّجْه، وفي التِّرمِذيِّ وغيرهِ؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ؛ قال: قال رسولُ اللَّهِ ﷺ: (إذَا خَطَبَ إلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَونَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ، فَزَوِّجُوهُ؛ إلَّا تَفْعَلُوا، تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ)(١).
وذِكرُ الفتنةِ والفسادِ العريضِ في تركِ ذلك دالٌّ على وجوبِ الفعلِ، والفتنةُ المذكورةُ خاصَّةٌ وعامَّةٌ:
أمَّا الفتنةُ الخاصَّةُ: ففتنةُ الخاطبِ والمخطوبِ في دِينِهِ عندَ تأخُّرِ تزويجِه، بأن يتعرَّضَ للحرام نظرًا أو قولًا أو لَمْسًا أو مُقارَفةً، وفتنةٌ للوليِّ بإلحاقِ إثمِ العَضْلِ به، أَو الدعاءِ عليه.
وأمَّا الفتنةُ العامَّةُ: فإنَّ الناسَ إنْ عطَّلوا إحصانَ نسائِهم ورجالِهم، فُتِحَت أبوابُ الحرامِ والتعدِّي على حدودِ اللَّهِ، وشاعَتِ الفاحشةُ، وتَبِعَتْها عقوبةُ اللَّهِ عليها بأنواعِها، فتَنشأُ المخالَفةُ لأوامرِ اللَّهِ خاصَّةً ثمَّ تكون عامَّةً، وأولُ أسبابِ فتحِ الحرامِ يكون بإغلاقِ أبوابِ الحلالِ، فاللَّهُ لم يخلُقْ في الناسِ مَيلًا إلى شيءٍ إلَّا وجعَلَ في الحلالِ منه كفايةً وسَعَةً بما يُغنِيهِم عن فتحِ أبوابِ الحرام، وفتَحَ أبوابَ الوَطْءِ وحَدَّها وجعَلَ الحرامَ منه فتنةً؛ اختبارًا وابتلاءً لعبادِه، وكلَّما أُغلِقَ بابٌ مِن الحلالِ، قابَلَهُ بابٌ مِن الحرامِ يُفتَحُ، فإذا وجَدتَّ الناسَ قد كثُروا على الحرامِ، فابحَثْ عن أبوابٍ مِن الحلالِ مغلَقةٍ.
وقد تُغلَقُ أبوابُ الحلالِ في النكاحِ بعَضْلِ الفتياتِ، أو غلاءِ المَهرِ، أو منعِ التعدُّدِ، وثَمَّةَ دوافعُ للحرامِ كالتعرِّي والسُّفُورِ وإطلاقِ البصرِ وغيرِ ذلك، فتلك دوافعُ للحرامِ، كما للحلالِ دوافعُه؛ كالعفافِ والحِجَابِ وحِفْظِ البصرِ، وكلُّ دافعٍ حرامٍ يُقابِلُهُ مِثلُهُ في الحلالِ.
وقد جاء الأمرُ في السُّنَّةِ للشَّبَابِ، كما جاء الأمرُ في القرآنِ للأولياءِ؛ كما في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ ابنِ مسعودٍ، عن النبيِّ ﷺ؛